السبت، يونيو 15، 2013

9_ تابع أسباب الفتور لدى طالب العلم

بسم الله الرحمن الرحيم


ـ صحبة ذوى الإرادات الضعيفة و الهمم الدانية:

فقد يحدث أن يصحب العامل أو السالك فى السبيل نفراً ممن لهم ذيوع و شهرة، وحين يقترب منهم ويعايشهم يراهم خاوين فاترين في العمل، كالطبل الأجوف، فإن مضى معهم عدوه بالفتور و الكسل - كما يعدى الصحيحَ الأجربُ -.
وهذا سبب تأكيده صلى الله عليه وسلم على ضرورة انتقاء واصطفاء الصاحب.

فقال صلى الله عليه وسلم
المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل

الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الأمالي المطلقة - لصفحة أو الرقم: 151
خلاصة حكم المحدث: حسن



ـ العفوية في العمل سواء على المستوى الفردي أو الجماعي :

ذلك أن كثيراً من العاملين أفراداً كانوا أو جماعات يمارسون العمل لدين الله بصورة عفوية لا تتبع منهجاً ، ولا تعرف نظاماً
فنجد طالب العلم بحماس مندفعا منطلقا ينهل من العلم من غير أن يضع لنفسه منهجا أو جدولا مرتبا يسير من خلاله فى التحصيل
فبماذا يبدأ وكيف يتدرج وعن من يتلقى
إنما فقط جاءت الرغبة فى العلم والتعليم فهب يسير بغير هدى ولا خطة فسرعان ما تحير وتوقف



وهذا يتضح جدا حولنا لما نرى أُناسا قد بلغوا من العمر فوصلوا الأشد أو يزيد وعندها تبينوا أنهم شغلتهم الدنيا من علم دنيوي أو زواج وتربية أبناء أو عمل ووجدوا أنهم لم يحصلوا من العلم الشرعي شيئا فانتبهوا وراحو يتخبطون ويبحثون ويتعلمون ويكثرون على أنفسهم لتحصيل اكبر قدر مما فاتهم تعلمه... هنا يسيرون على غير منهج وفى كل اتجاه وهو ما نعنيه بالعفوية وعدم ضبط الأمور وعدم تقديم الاولويات وعدم اختيار المعلم الجيد... ولما يكثرون على أنفسهم فتتكاثر عليهم العلوم يحدث الفتور نتيجة لأمرين
إما عدم الفهم لضيق وقت التحصيل للتفرغ لغيره
وإما لازدحام الدروس عليه والذهن فى الكبر يختلف عن الصغر
ولهذا نقول لابد للمرء أن يأخذ من دنياه ما ينفعه فى دنياه وآخرته
فلا ينسيه عمل الدنيا ما ينفعه فى الآخرة ولا يفوت عليه عمل الآخرة مصلحة الدنيا
كما يقول تعالى "
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ.. القصص 77
وكما نقول دائما ونسمع
اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا
فلابد ألا تلهينا الدنيا عن عمل الآخرة وعن تحصيل العلم النافع
وهذا للمثال فقط وإنما الأمثلة فى صور العفوية كثير وفقنا الله لكل خير


********************************

ـ الوقوع في المعاصي و السيئات ولاسيما صغائر الذنوب مع الاستهانة بها :
ذكرنا بأعلى الوقوع فى المحرمات والشبهات يحرم المرء به التوفيق للطاعات
هنا ايضا نقول انه ليس تجنب المحرمات وكبير الذنوب فقط ولكن حتى الصغائر والذنوب التى لا يدركها المرء او ينساها او يغفل عنها ولا يتوب منها

فإن ذلك ينتهي بالعامل لا محالة إلى الفتور لأنه سيحرم التوفيق
، وصدق الله الذي يقول :
{ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } الشورى 30

ويقول صلوات ربى وسلامه عليه

إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه

الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - لصفحة أو الرقم: 2470

خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره


فلننتبه لابد من تكرار التوبة باستمرار وحبذا لو فى كل صلاة توجهنا لله تعالى بالتوبة من كل ما الم بنا من ذنوب ومعاصٍ وكذلك أوقات ما بين الصلوات لابد للمرء أن يدرك أهمية ذلك فإنه كم من ذنب نذنبه ونحن عنه غافلون أو له محقرون فننساه ولكن بالمداومة على التوبة والاستغفار لعل الله يمح تلك الذنوب فيوفق لكل خير وييسر كل أمر


********************
ـ الاستعجال
ويعنى فى حياة طالب العلم انه يريد الوصول
بأقل وقت ويريد تعلم كلالعلوم فى نفس الوقت

(خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي
فَلا تَسْتَعْجِلُونِ( الأنبياء 37

ـ لعل الحماس والرغبة فى التحصيل
وكسب العلم ولَّد طاقة ضخمة ،
تندفعما لم يتم السيطرة عليها
وتوجيهها إلى سلوك طرق لا تفيد
وتحصيل علوم هناك ما هوانفع منها وأكثر احتياجا
أو تؤدى لتخبط وعدمقدرة على
اختيار الطريق ولا الرفيق ولا المعلم
فيزل طالب العلم ربما مع غير مؤهلين منالمعلمين
أو مع رفقة غير آمنة اى مندسين على طلب العلم كما سبق واشرنا
وفى كل الحالات فالضرر وارد فيتوارى النفع


. ونستكمل المسير فى عرض ما يمكن أن يؤدى إلى الفتور والتوقف عن التلقي

ـ التهاون مع النفس :

التهاون مع النفس ذلك أن النفس البشريةتنقاد وتخضع ويسلس قيادها بالشدة والحزم وتتمرد وتتطلع إلى الشهوات وتلح فيالانغماس فيها بالتهاون واللين وعليه فإن طالب العلم إذا تهاون مع نفسه ولبى كلمطالبها قادته لا محالة إلى الكسل والدعة .
ولعلنا بذلك نفهم سبب تأكيد الإسلام على ضرورة المجاهدة للنفس أولاوقبل كل شئ :
سورة الرعد - الجزء 13 - الآية 11 - الصفحة 250

إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمْ



سورة الشمس - الجزء 30 - الآية 9 - الصفحة 595
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا


سورة الشمس - الجزء 30 - الآية 10 - الصفحة 595 وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا

سورة العنكبوت - الجزء 21 - الآية 69 - الصفحة 404
وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُوا۟ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ



ـ الإعجاب بالنفس هو

: السرور أو الفرح بالنفس وبما يصدر عنها من أقوال أو أعمال ذلك أن هناك فريقا من الناس إذا أ ُطرىعليه أو مُدح في وجهة دون تقيد بالآداب الشرعية في هذا الإطراء وذلك المدح اعتراهأو ساوره لجهله بمكائد الشيطان خاطر : أنه ما مدح وماأطرى إلا لأنه يملك منالمواهب ما ليس لغيره وما يزال هذا الخاطر يلاحقه ويلح عليه حتى يصاب والعياذ باللهبالإعجاب بالنفس و ذلك سبب ذمه صلى الله عليه وسلم للثناء والمدح في الوجه بلوتأكيده على ضرورة مراعاة الآداب الشرعية إن كان ولابد من ذلك .

قام رجل يثني على أمير من الأمراء. فجعل المقداد بحثي عليه التراب،
وقال : أمرنارسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثي في وجوه المداحين التراب .

الراوي:أبو معمرالمحدث:مسلم-
المصدر:صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 3002


خلاصة حكم المحدث:صحيح

مدح رجل رجلا ، عندالنبي صلى الله عليه وسلم قال ، فقال " ويحك ! قطعت عنق صاحبك. قطعت عنق صاحبك " مرارا " إذا كان أحدكم مادحاصاحبه لا محالة ، فليقل : أحسب فلانا . والله حسيبه . ولا أزكي على الله أحدا . أحسبه ، إن كان يعلم ذاك ، كذا وكذا " .
 

الراوي:أبو بكرة نفيع بن الحارث المحدث:مسلم-
المصدر:صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 3000


خلاصة حكم المحدث:صحيح


هنا وكل الشخص الذى مدح أخيه إلى نفسه بقوله احسبه على خير ..اى انه اخبر اخيه انه ما ظهر لى منك احسنه والله اعلم بما اخفيت انت فيذكرالأخ أخيه بقوله تعالى :

سورة الصف - الجزء 28 - الآية 3 - الصفحة 551
كَبُرَ مَقْتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ
فلينتبه المرء لنفسه ولا يضره مدح مادح فالله اعلم بما اخفى ولا يغره ظن الناس فيه لتيقنه بما عند نفسه حفظنا الله ووقانا شر العجب


فلنر كيف يتمثل ذلك فى حياة طالب العلم فى :انه ربما مدحه الشيخ او الرفقة لحَسَن عنده فيناله العجب والسرور ويظنانه وصل لمنازل عليا ومكانة رفيعة فيؤدى الإعجاب بالنفس الى الصدارة للعمل قبلالنضج وكمال التربية أو يتعالى على الشيخ والاقران مما يورثه المهالكوالخسران

والمعجب بنفسه كثيراً ما يؤدى به الإعجاب إلى أن يهمل نفسه ، ويلغيها من التفتيش و المحاسبة ، وبمرور الزمن يستفحل الداء ، ويتحول إلى احتقار واستصغار ما يصدر عن الآخرين ، وذلك هو الغرور ، أويتحول إلى الترفع عن الآخرين ، واحتقارهم في ذواتهم وأشخاصهم وذلك هوالتكبر
كما أن من آثاره الحرمان من التوفيق الإلهي :
ذلك أن المعجب بنفسه كثيراً ما ينتهي به الإعجاب إلى أن يقف عند ذاته ، ويعتمد عليها في كل شئ ناسياً أو متناسياً خالقه وصانعه ، ومدبر أمره ، و المنعم عليه بسائر النعم الظاهرة و الباطنة .
ومثل هذا يكون مآله الخذلان ، وعدم التوفيق في ظل ما يأتي وفي كل ما يدع ، لأن الحق - سبحانه - مضت سنته في خلقه ، أنه لا يمنح التوفيق إلا لمن تجردوا من ذواتهم ، واستخرجوا منها حظ الشيطان ، بل ولجأوا بكليتهم إليه ، تبارك اسمه ، وتعاظمت آلاؤه ، وقضوا حياتهم في طاعته وخدمته ،
كما قال في كتابه
سورة العنكبوت - الجزء 21 - الآية 69 - الصفحة 404
وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُوا۟ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ
ولننتبه جدا نحن كاخوات فى المنتديات والحلقات ...انتبهى لكلماتك الموجهة لأخواتك أو معلماتك فربما أضررت بأخت بمتابعة الرد على مواضيعها بالمدح المبالغ فيه فتصير تنتظر ردودك فتصرفيها عن ان يكون العمل لله تعالى
او ان تبالغى فى مدح معلمتك وطريقة شرحها او علمها وفهمها فتمدحيها فتجعليها تعجب بنفسها وينقلب شعورها من العمل لله الى محاولة الاجادة لنيل كلمات مدح اكثر
صحيح نقول ان الكل على خير ومن يعمل لله لا يهمه تلك العبارات ولكن نتذكر معا قوله صلى الله عليه وسلم
 

إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم

الراوي: المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 19/32
خلاصة حكم المحدث: صحيح


اى ان الشيطان لا يدع مجالا لفتنة الا وطرقه عافانا الله ووقانا شر الشيطان
فلنضيق مداخله ونقطع عليه السبيل

نكمل ما يودى للفتور والانقطاع من أسباب

ـ التطلع إلى الصدارة وطلب الريادة إنما هي الرغبة في تحصيل عرض من أعراض الحياة الدنيا ذلك أن بعض الناس قد يتعلق بالحياة الدنيا تعلقا يحمله على إصابتها من أي باب تيسرله

قال الله تعالى: "قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا " . " النساء: 77

،
قال تعالى : يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ [غافر 39]

،قال تعالى : زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [أل عمران 14]



ـ ضعف وتلاشى الالتزام لدى طالب العلم 
المتمثل في التقصير أو عدم الوفاء بما يتعهد به المسلم أو يفرضه ويوجبه على نفسه من الصالحات ،
فقد يكون إقبال الدنيا ببريقها وزخارفها من الأموال والأولاد و الشهادات و الوظائف و المركز و الجاه وتعلق القلب بها هي السبب في ضعف أو تلاشى الالتزام ذلك أنه

سورة الأحزاب - الجزء 21 - الآية 4 - الصفحة 418
مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍۢ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِۦ

وعليه فإذا أقبلت الدنيا ، وكان الاشتغال و التعلق بها لم يبق هناك وقت ولا طاعة ولا فكريساعد على الالتزام ، وحينئذٍ يكون ضعف أو تلاشى الالتزام .
وقد تكون المحن و الشدائد في داخل الصف أو من خارجه هي السبب في ضعف أو تلاشى الالتزام ، ذلك أن المحنة أو الشدة عندما تنزل بالإنسان فإنها تزلزل كيانه ، وتكاد تعصف به إلا من رحم الله ، لاسيما إذا كان نزولها خالياً من الترقب والاستعداد ، ومعرفة طريق الخلاص ، وسبيل المواجهة ،وحينئذٍ يشغل بها عن دوره الحقيقي ورسالته السامية وطريقه الذى تعهده والتزمه
ويكون ضعف أو تلاشى الالتزام .
يتضح هذا بالحديث عن المحن و الشدائد وكيفيةالتعامل معها ، إذ يقول الحق - تبارك وتعالى -

سورة البقرة - الجزء 2 - الآية 155 - الصفحة 24
وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍۢ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍۢ مِّنَ ٱلْأَمْوَ‌ٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَ‌ٰتِ ۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ

ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌۭ قَالُوٓا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَ‌ٰجِعُونَ 156
أُو۟لَـٰٓئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَ‌ٰتٌۭ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌۭ ۖ وَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ 157


هذا يعنى حتمية ان يعلم المرء انه ما خلق فى هذه الدنيا الا لعبادة الله عز وجل فما خلق الله الجن والانس الا ليعبدوه فلاينصرف المسلم باى صارف عن الهدف الاسمى من هذه الحياة
وعبادة الله تعالى منها طلب العلم فلا يشغله عنه شاغل وليتسعن بالله ولا يعجز



-مجالسة أهل الأهواء ومصاحبتهم :
إن العواطف أو الدوافع تنمو بالمجالسة وطول الصحبة ، وعليه فمن لازم مجالسة أهل الأهواء وأدام صحبتهم ، فلابد من تأثره بما هم عليه ، لاسيما إذا كان ضعيف الشخصية ، وعنده قابلية التأثر بغيره من أولئك الناس .
وقد وعى السلف - رضوان الله عليهم - هذا السبب ، فأكثروا من التحذير من مجالسة أهل الأهواء ، بل و التعامل معهم أثر عن أبى قلابة قوله :
( .... لاتجالسوا أهل الأهواء ، ولا تجادلوهم ، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ، أويلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون.
وأثر عن الحسن وابن سيرين قولهما :
( ولاتجالسوا أصحاب الأهواء ولا تجادلوهم ، ولا تسمعوا منهم) .

************************

ـسوء الظن
أن السوء هوكل ما يقبح
اوأن السوء هو كل ما يغم الإنسان من أمور الدارين سواء أكان في نفسه أو في غيره ولا تعارض بين المعنيين، إذالقبيح أو الشر يعود على النفس بالهم والغم،
ويقول تعالى

سورة الحجرات - الجزء 26 - الآية 12 - الصفحة 517
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱجْتَنِبُوا۟ كَثِيرًۭا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌۭ


ويقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

إياكم والظن ،فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ، ولا تحسسوا ، ولاتباغضوا ، وكونوا إخوانا ، ....الحديث


الراوي:أبو هريرةالمحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أوالرقم: 5143
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


نسأل كيف يمكن لسوء الظن ان يكون آفة على طريق طالب العلم ؟

لننظر معا نتيجة التسرع وعدم التثبت وسوء الظن :

ـ فربما بدا خطأ من المعلم وان صبر الطالب وجد المعلم قد تداركه فى مرة تالية ووضح الصواب
فيظن الطالب بقصر علم المعلم أوانه سيتضرر بالاستمرار فينقطع

ـ او ربما تتالى غياب المعلم لظرف يجهله الطالب
فظن ان ذلك من الاهمال وعدم الاكتراث ولو تروى لعلم العلة

ـ او ربما وجد الطالب من معلمه غلظة لا تبرير لها
ففضل الانسحاب عن التحمل

ـ ربما وشى احدهم بسوء عن المعلم لدى الطالب
او عن احد الرفقة فلربما كان حاقدا او مندسا على طريق العلم لكن طالب العلم اساء الظن ولم يتثبت فاعرض ونأى بجانبه

امثلة كثيرة يمكن رصدها وعند تناولها بسوء ظن من المرء تؤدى على الترك والانقطاع
من أجل هذا كان سوء الظن من الآفات



ـالتسويف
فهو المماطلة أو التأجيل على سبيل التهويل، والتضخيم لتنفيذ المطلوب وعدا كان أو وعيدا.
فأما المذموم منه : فهو التأجيل أو التأخير لتنفيذ المطلوب بغير مبرر أو مقتضى، وهو الذي نبه إليه الحق - تبارك وتعالى

بقوله:

سورة المنافقون - الجزء 28 - الآية 10 - الصفحة 555
وَأَنفِقُوا۟ مِن مَّا رَزَقْنَـٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَآ أَخَّرْتَنِىٓ إِلَىٰٓ أَجَلٍۢ قَرِيبٍۢ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ



سورة المؤمنون - الجزء 18 - الآية 99 - الصفحة 348
حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ

لَعَلِّىٓ أَعْمَلُ صَـٰلِحًۭا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّآ ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا ۖ وَمِن وَرَآئِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ 100



، كَلَّآ إِذَا دُكَّتِ ٱلْأَرْضُ دَكًّۭا دَكًّۭا ﴿21﴾ وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفًّۭا صَفًّۭا ﴿22﴾ وَجِا۟ىٓءَ يَوْمَئِذٍۭ بِجَهَنَّمَ ۚ يَوْمَئِذٍۢ يَتَذَكَّرُ ٱلْإِنسَـٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ ﴿23﴾يَقُولُ يَـٰلَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى ﴿24﴾ سورة الفجر



ويقول الرسول الكريم صلوات ربى وسلامه عليه

اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك .

الراوي:عبدالله بن عباس المحدث: الألباني -
المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3355
خلاصة حكم المحدث:صحيح

ومن مظاهره تأجيل عمل اليوم إلى الغد بغير مبرر، ولا مقتضى، بأن يقول المسلم: غدا أفعل كذا، أو أنفذ كذا ممايلزم أن يكون فعله أو تنفيذه توا، وحالا، ولا يفعل، ولاينفذ.
ويكون ذلك فى حياة طالب العلم متمثلا
فى رغبته الشديدة فى تلقى العلم وسلوك سبيل العلم
الا انه يقف ثابتا لا يتحرك ولايبدا
فالامر ليس بأمانيكم
انما الامر يحتاج جد ويحتاج ان يقترن التنفيذ بالعزم
فإن نوى التعلم فليبادر ولا يثبط عزيمته ولا يتوانى
بالتسويف


ولنا المثل عن ذلك فى قصة

سيدناكعب بن مالك رضي الله عنه وتخلفه عن غزوة تبوك، إذ يحكي عن نفسه،فيقول: "... كان من خبري أني لم أكن قط أقوى، ولا أيسر حين تخلفت منه في تلك الغزوة،والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط، حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة، غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا، ومغازا، وعدواكثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد،والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ - يريدالديوان - قال كعب: فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفي له، ما لم ينزل فيه وحيالله، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار، والظلال،وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم،فأرجع ولم أقض شيئا، فأقول في نفسي أنا قادر عليه، فلم يزل يتمادى بي، حتى اشتد بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئا، فقلت: أتجهز بعده بيوم، أو يومين، ثم ألحقهم فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز،فرجعت ولم أقض شيئا ثم غدوت، ثم رجعت، ولم أقض شيئا، فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارطالغزو وهممت أن أرتحل فأدركهم - وليتني فعلت - فلم يقدر لي ذلك " .


فلن يفيد التسويف الا الاسى والندم على فوات فرصة التعليم بعدما كانت متاحة لوجود فراغ او مال او صحة
وكثيرا ما وجدنا من تخلفت عن الركب ولما عادت بعد انقطاع تحسرت على ما فقدت لما وجدت اخواتها تقدمن سبقنها

ـ المراء أوالجدال


فقد عرفه الغزالي في إحياء علوم الدين بقوله: "كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه إما في اللفظ وإما في المعنى، وإما في قصد المتكلم"

كما عرفالجدل بقوله: "قصد إفحام الغير، وتعجيزه وتنقيصه بالقدح في كلامه، ونسبته إلىالقصور والجهل فيه"، وهو غالبا ما يكون في المسائل العلمية، أما المراء فهو عام فيالمسائل العلمية وغيرها .

ومما يوقع فى المراء والجدال
عدم رعاية آداب النصيحةوذلك أن للنصيحة في الإسلام آدابا، وأهمها: أنتكون في السر ما لم يجاهر بها صاحبها، وأن تكون بالأسلوب المناسب وفي اللحظةالمناسبة، وأن تكون بنية الإصلاح والتغيير إلى ما هو أحسن، وأن تكون خالصة لوجهالله تعالى، وأن يتجرد الناصح من حوله وقوته إلى حول الله وقوته. وعدم رعايته هذه الآداب قد يولد في نفس المنصوح نوعا من العزة بالإثم، ويحاول التعبير عنها في شكل مراء أو جدل ليبرر به ما هو عليه من خطأ، ولا يقبل النصيحة.




ـ عدم الحظوة بثقة واحترام الآخرين وذلك أن المرء قد لا يحظى لسبب أو لآخر بثقة واحترام الآخرين سواءكان ذلك في البيئة القريبة - ونعني بها البيت - أم في البيئة البعيدة - ونعني بهاالمجتمع - ويكون هذا منزلقا أو مدخلا خطيرا للوقوع في المراء أو الجدل، كرد فعل يحاول به إثبات وجوده، وحمل الآخرين على الثقة به واحترامه.



ـوقد يكون الميل إلى الغلبة، وعدم قبول الهزيمة سببا من أسباب الوقوعفي المراء أو الجدل.


ـوقد يكون الإعجاب بالنفس بل الغرور والتكبر، هوالسبب في الوقوع في المراء أو الجدل.



ـ فراغ القلب من معرفة الله وتقواه: وذلك أن القلب إذا فرغ من معرفةالله وتقواه، بمعنى مراقبته وخوفه ورجائه، بصورة تحمل على الاستقامة، دخلت الدنياهذا القلب، وتربعت على عرشه، ووسوس الشيطان، وبرزت النفس الأمارة بالسوء، وهنا يكونالاشتغال بما لا يسمن ولا يغنى من جوع من المراء أو الجدل، ومن الخصومة بالباطلوهكذا، ولهذا دعا رب العزة عباده إلى مقاومة الفراغ بتنويع العبادة لئلا تسأم النفسأو تمل، ويكون الفتور أو القعود، الأمر الذي ينتهي بالوقوع في حبائل المراء أوالجدل فقال سبحانه:

{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} (الشرح).



وهو ماعرضنا له فى الآداب والتي علمنا انه خلق لابد ألا تحويه نفس طالب العلم



ـالاحتقار أو الانهزام النفسي
في الاصطلاح، فهو: استصغار النفس الخيّرة،واستذلالها، والاستهانة بها أو انكسارها أمام ما يمليه عليه أعداؤها من النفس الأمارة بالسوء، ومن شياطين الإنس والجن، ومن الدنيا بشدائدها، وامتحاناتها،ببريقها، وزخارفها وزيناتها، بصورة تشعرها أنها ليست أهلا لعمل أي بر أو معروف، حتىوإن كان هذا البر وذلك المعروف بسيطا أو يسيرا.

فلا تحقرن من المعروف شيئا
ولا تستهينى بنفسك
فتظنى أنها دون الآخرين فتقولى لا افهم مثلهم
ولا أحسن مثل قولهم فتنقطعى
لكن ثابرى واصبرى والزمى الطريق فمن أدمن
قرع الباب يوشك ان يُفتح له


تلك كانت آفات تعرض لطالب العلم فى
الطريق فتعيقه
فإما يفتر وتقل همته ويقل تحصيله
او يتوقف بالكلية
**********
إن شاء الله تعالى نذكر العلاج فى الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق