السبت، يونيو 15، 2013

5 _ أفات على طريق طالب العلم

بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
حمدا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك


والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وازواجه الأطهار وأصحابه الأخيار صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين


وبعد


كان من المفترض أن نبدأ فى الفصل الأول آداب طالب العلم فى نفسه


ولكن آثرت أن نبدأ أن شاء الله فى ذكر معوقات المسير
الآفات التي تقطع السبيل على طالب العلم فتصيبه بالفتور أو تدفعه لترك سبيل العلم بالكلية


فنعرض لها إن شاء الله محاولة لأن نتقى ونتجنب الوقوع فيها
نتحدث إن شاء الله عن الآفات
التي تعترض طريق السالك إلى الله

وطالب العلم من هؤلاء السالكين


فبعلمه الذي سيسير على هديه سيصل إلى ربه فإن تعرض للآفة سدت الطريق فتوقفف لنعرض الآفات الواردة على طريق السالكوكيف له مواجهتها وتخطيها بعون الله تعالى فهيا حبيباتى نعرض معا لتلك الآفات وكيفية المواجهة نعرض لبعض النقاط من كتاب:
آفات على الطريق للدكتور السيد محمد نوح (مع تصرف)


حيث يوجه مؤلف الكتاب الكلام إلى فئة الدعاة الى الله و من حيث أنه لا تختلف الأمور كثيرا بين الداعي إلى الله وطالب العلم فإننا نخصص الكلمات هنا ونوقعها على طالب العلم لعل فيها الإفادة إن شاء الله لعل قبل أن نبدأ من الضرورى أن نعرض لأول عقبة يمكن أن تعترض طريق طالب العلم خاصة وكل سالك للطريق إلى الله ألا وهي الرياء




عدم الإخلاص لله تعالى هي ليست آفة تعيق الطريق وتوقف المسيرة بقدر ما هي عقبة تفتت الجهد وتذهب بالعمل ونتائجه فى الدنيا والآخرة وإذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من سمع سمع الله به ، ومن يرائي يرائي الله به."


الراوي: جندب بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 6499
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



، إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء ، يقول الله عز و جل إذا جزى الناس بأعمالهم :" اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء “


الراوي:محمود بن لبيد الأنصاري المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 32


خلاصة حكم المحدث: صحيح


وعدم المعرفة الحقيقة بالله عز وجل هو السبب أو الباعث على الرياء أو السمعة إذ أن الجهل بالله أو نقصان المعرفة به يؤدى إلى عدم تقديره حق قدره : ومن ثم يظن هذا الجاهل بالله الذي لم يعرفه حق المعرفة ولم يقدره أن العباد يملكون شيئا من الضر أو النفع فيحرص على مراءاتهم وتسميعهم كل ما يصدر عنه من الصالحات ليمنحوه شيئا مما يتصور أنهم مالكوه ولعل ذلك هو السر في دعوة الإسلام إلى المعرفة بالله أولا : { فاعلم أنه لا إله إلا الله} بل وتطبيقه ذلك حيث دار القرآن المكي وعمل الرسول صلى الله عليه وسلم طوال المرحلة المكية حول التعريف بأصول العقيدة وتأكيدها وترسيخها في النفس .


والله عز وجل هو وحده الذي يملك الهداية والتوفيق وهو وحده الذي يمن بهما على من يشاء ويمنعها ممن يشاء لا راد لقضائه ولا معقب لحكمة وقد مضت سنته وجرى قضاؤه أنه لا يمنحهما إلا لمن علم منه الإخلاص وصدق التوجه إليه { ويهدى إليه من أناب}. { ويهدى إليه من ينيب} والمرائي أو المسمع بدد هذا الإخلاص وضيع ذلك الصدق فأنى له الهداية والتوفيق ؟ وصدق الله الذي يقول: { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفا سقين}.



فالزم الإخلاص تنل التوفيق والقبول











الإخلاص طلب غال






قال تعالى: {وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة:5].
فلا خلاص لمن لا إخلاص له
، فإخلاص العمل لله تعالى شرط لقبول أي عملٍ تعبدي يقوم به الإنسان نحو ربه عز وجل.


قال تعالى: { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاًوَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (الكهف:110).


( صحيح لغيره )
وعن الضحاك بن قيس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى يقول أنا خير شريك فمن أشرك معي شريكا فهو لشريكي يا أيها الناس أخلصوا أعمالكم فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له ولا تقولوا هذه لله وللرحم فإنها للرحم وليس لله منها شيء ولا تقولوا هذه لله ولوجوهكم فإنها لوجوهكم وليس لله منها شيء ." رواه البزار بإسناد لا بأس به والبيهقي


( صحيح )
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما الأعمال بالنية وفي رواية بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ." رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي




( صحيح )


وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأشار بأصابعه إلى صدره وأعمالكم ." رواه مسلم







فالإخلاص حاجة غالية ومطلب عزيز





على المسلم أن يلتمسه ويجد فى طلبه وإلاّ ضاع العمر وضاع العمل عافانا الله


والإخلاص فى كل شىء لازم
ولكننا الآن بصدد تخصيص الأمر والتماسه عند طلب العلم



فكيف يكون الاخلاص فى طلب العلم ؟؟




صفة الإخلاص في طلب العلم :





ـ أن يكون الغرض من طلب العلم ابتغاء مرضاة الله تعالى،
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا سريج بن النعمان ثنا فليح عن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري عن سعيد بن يسار عن أبي هريرةقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"
من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " يعني ريحها
قال الشيخ الألباني : صحيح



ـ والقيام بالواجبات الشرعية الخاصة والعامة على الوجه الذي شرعه الله تعالى وأمر به ،
بالإتيان بما أمر سبحانه والإنتهاء عما نهى
والوقوف على حدود الله


-وأن يتجنب الشبهات فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه
ومن نوايا ومقاصد طالب العلم عند الطلب ليكون عمله مقبولا وسعيه طيبا






ـأن ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن الآخرين ؛ لتكون كلمة الله هي العليا.


ـ وليحذّر من طلب العلم سمعة ورياء ليقال عنه عالم أو نحو ذلك من الألقاب ،
ولا يطلبه ليحصل الشرف أو الرياسة أو ليتصدر به المجالس ، ولا من أجل المال وحطام الدنيا ، ولا من أجل أن يصرف إليه وجوه الناس..!!


فإن أصيب طالب العلم بشيء من ذلك فعمله مردود، وعبادته لا تقبل، وطلبه للعلم وبالا عليه وشقاء..!


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيبَ به عرضاً من الدنيا، لم يجد عَرْفَ الجنة يومَ القيامة" يعني ريحها) أخرجه أبو داود.


وقال صلى الله عليه وسلم:" لاتعلَّموا العلم لتباهوا به العلماء، أو تماروا به السفهاء، ولا تخيَّروا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار" أخرجه ابن ماجه.


وقال صلى الله عليه وسلم:" من ابتغى العلم ليُباهي به العلماء، أو يُماري به السفهاءَ، أو تُقبل أفئدة الناس إليه، فإلى النار" أخرجه الحاكم. وفي رواية :" أو ليصرف وجوه الناس إليه، فهو في النار".ومن حديث أبي هريرة،


عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ورجل تعلم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن،فأُتي به فعرَّفه نعمه، فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمتُ العلمَ وعلمتُه،وقرأت فيك القرآن، قال: كذبتَ، ولكنك تعلمتَ ليُقال: عالمٌ، وقرأت القرآن ليُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثمَّ أُمِرَ به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار" مسلم.


وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم:" يظهر الإسلام حتى تختلفَ التجارُ في البحر، وحتى تخوض الخيلُ في سبيل الله، ثم يظهر قومٌ يقرؤون القرآن، يقولون: من أقرأ منَّا؟ من أعلم منَّا؟ من أفقه منا؟! ثم قال لأصحابه: هل في أولئك من خير؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:" أولئك منكم من هذه الأمة، وأولئك هم وقود النار" أخرجه الطبراني .





نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
اللهم إنانسألك العفو والعافية في الدين والدنيا





فإن قيل: ماذا إذا حصل الثناء الحسن ووضع القبول ؟فيقال: هذه عاجلة بشرى المؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فله أن يُسرّ بها ، ويحمد الله عليها ، ولكن ليس له أن يطلبها ويبحث عنها، أو تكون هي مقصده من طلب للعلم.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" بشِّر هذه الأمة بالتيسير، والسناء، والرفعة بالدين،والتمكين في البلاد، والنصر فمن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب" أخرجه البيهقي.



وقال صلى الله عليه وسلم:" من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة"


وفي رواية عن أنسٍٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كانت الدنيا هِمَّتَه وسَدَمَه ولها شَخَصٌ، وإياها ينوي؛ جعل الله الفقر بين عينيه، وشتت عليه ضيعتَه، ولم يأتهِ منها إلا ما كُتب له منها. ومن كانت الآخرة هِمَّتَه وسدَمه، ولها شخَص، وإياها ينوي؛ جعل الله عز وجل الغنى في قلبه،وجمع عليه ضيعته، وأتته الدنيا وهي صاغرة" أخرجه الطبراني.والقضية تحتاج إلى مجاهدة ومتابعة


كما قال سفيان الثوري: ما عالجتُ شيئاً أشدَّ عليَّ من نيتي؛ لأنها تتقلب علي".فكيف لا وهي أساس الأمر ومنبعه فإن صفى المنبع صفت السواقي لأن كل ما بعد النية هو تابع لها


ويقول عكرمة رضى الله عنه :"إن الله يعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله، لأن النية لا رياء فيها"


وعن يوسف بن أسباط، قال:"تخليص النيَّة من فسادها أشدُّ على العاملين من طول الاجتهاد"



وقال الدارقطني : طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله.





يا الله





كما يقول الإمام أحمد رحمه الله
من صفى صفى له ومن كدر كدر عليه



أخلصوا النية فأعانهم الله تعالى وحفظهم ولم يرد لهم إلا إن يكونوا على طريقه


ولنعلم أن الرياء الخالص ( وهو أن تكون نية العمل لغير الله منذ بدايته والعياذ بالله)هذا شرك أكبر
، والرياء المشوب بإخلاص لله عز وجل( أي أن المرء أشرك في نيته أثناء العمل مع الله شيئا أو إنسانا آخرا) هذا شرك أصغر،
والرياء الوارد على القلب إن استرسل معه الإنسان فقد وقع في الشرك أصغره أو أكبره

، وإن حاول التخلص منه ودافعه فإنه لا يضره.


المفيد هنا أن المرء ربما ورد عليه عدم الإخلاص أو الرياء ولكن إن دافع هذا الشعور ولم يقع فيه فلا يضره إن شاء الله
وقال الشاطبي: آخر الأشياء نزولاً من قلوب الصالحين حب السلطة والتصدر.



لأنهم علموا وعملوا بما قال صلى الله عليه وسلم :”
ما لي و للدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ، ثم راح و تركها ."
الراوي:عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع- لصفحة أو الرقم: 5668
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وقال أيوب: ذُكِرتُ, ولا أحب أن أُذكر.
ولما بلغ أحمد أن الناس يدعون له ، قال: ليته لا يكون استدراجا.


قال عبد الرحمن بن مهدي : سألت بشر بن منصور فقلت عندي حلقة بالمسجد الحرام فإذا كثر الناس فيها فرحت ، وإذا قلوا حزنت ، فقال : مجلس سوء فلا تعد إلي!



كان الحسن البصري كثيرًا ما يعاتب نفسه ويوبخها فيقول : تتكلمين بكلام الصالحين القانتين العابدين ، وتفعلين فعل الفاسقين المنافقين المرائين ، والله ما هذه صفات المخلصين




يالله




وهم من نبعت الحكمة من بين شفاههم ومع ذلك يصمون انفسهم بالتقصير.


كان سفيان الثوري يقول : كل شئ أظهرته من عملي فلا أعده شيئاً ؛ لعجز أمثالنا عن الإخلاص إذا رآه الناس.




يَصِم نفسه بالضعف عن قيادة نفسه وترويضها وهم من ملأوا الأرض علما


قال بعض السلف : أعز شيئ في الدنيا الإخلاص ، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي ، وكأنه ينبت فيه على لون آخر.



يالله



عاشوا ينقون قلوبهم مما شابها من رياء
عاشوا يجاهدون فهؤلاء من قال تعالى فيهم




﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[العنكبوت:69]،




وكان من دعائهم : اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه ، وأستغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أف لك به ،وأستغفرك مما زعمت أنى أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمت.
وكان الفضيل بن عياض يقول :إذا كان الله يسأل الصادقين عن صدقهم ، مثل إسماعيل وعيسى عليهما السلام ، فكيف بالكاذبين أمثالنا ؟!!

وهو الذي ذكر عنه كذا وكذا فى العلم والورع


وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: من أراد أن يأكل الخبز بالعلم فلتبك عليه البواكي


أي من أشرك نية أخرى عند طلب العلم غير وجه الله تعالى.


وقال الذهبي ـ رحمه الله ـ : ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد ، فإن أعجبه كلامه فليصمت ، وإن أعجبه الصمت فلينطق ، ولا يفتر عن محاسبة نفسه فإنها تحب الظهور والثناء .


{إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
يوسف53



فإنه عليه مخالفتها




ولنرى لكلام ابن القيم رحمه الله فى مدارج السالكين عن النفس:
أن النفس


حجاب بين العبد وبين الله

وأنه لا يصل إلى الله حتى يقطع هذا الحجاب فالنّفس جبل عظيم شاق في طريق السير إلى الله عز وجل وكل سائر لا طريق له إلا على ذلك الجبل فلا بد أن ينتهى إليه ولكن منهم من هو شاق عليه ومنهم من هو سهل عليه وإنه ليسير على من يسره الله عليه




ثم لننظر إلى الأعلام وكيف يصفون أنفسهموفي ترجمة هشام الدستوائي في كتاب (سير أعلام النبلاء )

قال عون بن عمارة : سمعت هشاما الدستوائي يقول : والله ما أستطيع أن أقول أنِّي ذهبت يومًا قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل.


وعلق الإمام الذهبي على كلام الدستوائي فقال: والله ولا أنا ، فقد كان السلف يطلبون العلم لله فنبلوا ، وصاروا أئمة يقتدى بهم ،وطلبه قوم منهم أولا لا لله ، وحصلوه ثم استفاقوا ، وحاسبوا أنفسهم ، فجرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق.



كما قال مجاهد وغيره :طلبنا هذا العلم ، ومالنا فيه كبير نية ، ثم رزقنا الله النية بعدُ.


فهذا أيضًا حسن ، ثم نشروه بنية صالحة.
وقوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا ، وليثنى عليهم ، فلهم ما نووا




سبحان الله





هؤلاء قوم أخلصوا فتخلصوا
من الشوائب والكدر وكل ما يفسد القلب والنفس فوصل كلامهم وعملهم عذباً سلسبيلا


.
إذاً نلخص فى نقاط كيف يكون الإخلاص فى طلب العلم فنقول :





بم يكون الإخلاص في طلب العلم ؟




نقول الإخلاص في طلب العلم يكون في أمور :


الأمر الأول
:أن تنوي بذلك امتثال أمر الله لأن الله تعالى أمر بذلك قال: ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك) وحث سبحانه وتعالى على العلم والحث على الشيء يسلتزم محبته والرضا به والأمر به .


ثانيًا
: أن تنوي بذلك حفظ شريعة الله لأن حفظ شريعة الله يكون بالتعلم والحفظ بالصدور ويكون كذلك بالكتابة كتابة الكتب .


والثالث
: أن تنوي بذلك حماية الشريعة والدفاع عنها لأنه لولا العلماء ما حميت الشريعة ولا دافع عنها أحد كثيرا من أهل العلم الذين تصدَّوا لأهل البدع وبيَّنوا بطلان بدعهم نرى أنهم حصلوا على خير كثير .


والرابع
:أن تنوي بذلك اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنك لا يمكن أن تتبع شريعته حتى تعلم هذه الشريعة .


هذه أمور أربعة كلها يتضمنها قولنا أنه يجب الإخلاص لله

قالَ الفُضَيلُ بنُ عِيَاضٍ فيِ تَفْسِيرِ قولِهِ تَعَالىَ : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك: 2]

هَوَ أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ، قالوا: يَا أبَا عَليٍّ مَا أَخْلَصُهُ وُأَصْوَبُهُ؟ فقالَ: إنَّ العَمَلَ إذاَ كَانَ خَالَِصاً وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَاكَانَ صَوَاباً وَلَمْ َيكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَكُونَ خَالِصاً صَوَابًا. الخَالِصُ أََنْ يَكُونَ للهِ، وَالصَّوابُ أنْ يَكُونَ عَلَىالسُّنَّةِ. ثُمَّ قَرَأَقَوْلَهُ تَعَالىَ: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (الكهف:)







كل ما سبق يبدو منه أن الإخلاص كما قلنا هو أساس كل عمل وسبب لقبول الأعمال وإلا فهي مردودة على صاحبها والعياذ بالله
وكذلك نتعلم أنه ربما بدأ المرء بنية ليست خالصة إنما من ثمار العلم النافع أنه ينفع صاحبه فيلزمه الصراط المستقيم وهو ما سنذكره الآن
عند كلامنا عن
العلم النافع







-
العِلْمُ النَّافِعُ





العلم أمر الله به, وأوجبه قبل القول والعمل,قال تعالى (فأعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم) (محمد19)


وقد بوب الإمام البخاري – رحمه الله – لهذه الآية بقوله: (باب:العلم قبل القول والعمل) وذلك أن الله أمر نبيه بأمرين: بالعلم ثم بالعمل والمبدوء به العلم فيقوله: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) ثم أعقبه بالعمل في قوله (واستغفر لذنبك)


فدل ذلك علي أن مرتبة العلم مقدمة على مرتبة العمل,وأن العلم شرط في صحة القول والعمل, فلا يعتبران إلا به , فهو مقدم عليهما, لأنه مصحح للنية المصححة للعمل


وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم الهادي قبل أن يطلب منه التبليغ طلب منه القراءة والعلم وأنّى يمكن للإنسان أن يقول أو يعمل شيئا وهولم يعلم به لو لم نعلم لما تمكنّا من العمل فبماذا نعمل إن لم نكن نعلم

فإن لم أعلم كيف الصلاة فكيف أأديها وإن لم أعلم كيف القراءة فكيف سأقرأ القرآن حتى في كل أمر ولو دنيوى فإن لم يتعلم المرء علم الطب فكيف سيمارسه وهكذا هي كل الأعمال

(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (يوسف: من الآية108)


.فإن لم يكن لدي علم فسيكون تخبط وضلال والعلم ما قام عليه الدليل, والنافع منه ما جاء به الرسول صلي الله عليه وسلم,

قَالَ الذّهَبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: " تَدْرِي مَا العِلْمُ النَّافِعُ؟ هوَ ما نزلَ بهِ القُرآن،
وَفَسَّرَه ُالرَّسُولُ صلّى الله عليه وآلِهِ وَسَلّم قَوْلاً وَعَمَلاً، وَلمْ يأتِ نَهْي ٌعنْهُ،"


قَالَ عَلَيْهِ الصلاة والسَّلام: « مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنّتِي فليْسَ مِنِّي»

فَعَلَيْك يا أخيبتدَبُّرِكِتَابِ اللهِ وبإدمَانِ النَّظَرِ فِي الصَّحِيحَين وَسُنَن ِالنَّسَائِي،وَِرياضِ النّوَوِي وَأذْكَارِهِ، تُفلِح وَتَنْجَح، وَإِيَّاكَ وَآرَاءَ الفلاسِفَةِ وَوَظائَِفَ أهلِ الرِّياضاتِ، وجُوعَ الرُّهبَانِ وخِطابَ طَيْشِ رُؤُوسِ أصْحابِ الخَلَوَاتِ فَكلّ الخَيْرِ في مُتابَعَةِ الحَنيفيَّة السَّمْحَة.

فَواَغَوْثَاهُ باللهِ، اللََّهُمّ اهْدِناَ إلىَ صِرَاطِكَ المُسْتَقِيم"[سيرأعلام النبلاء، للذهبي: 19/430]




هذا من باب التعريف بالعلم



فكيف يكون نافعا



بأمور نستعرضها

.
الإِخْلاَصُ فِي طَلَبِ العِلْمِ




قال ابن جماعة رحمه الله: "هو حُسْنُ النِيَّةِ فِي طَلَبِ العِلْمِ بِأَنْ يَقْصِدَ بِهِ وَجْهَ اللهِ تَعَالىَ، وَالعَمَلَ بِهِ، وَإحْيَاءَ الشَّرِيعَةِ، وَتَنْوِيرَقَلْبِهِ، وَتَجْلِيَةَ بَاطِنِهِ، وَالقُرْبَ مِنَ اللهَِ تَعَالىَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَالتَّعرُّض لِمَا أعدَّ لأَهْلهِ مِنْ رِضْوَانِهِ وَعَظِيمِ فَضْلِهِ" [تذكرة السّامع والمتكلّم، للكناني: 69-70]



فليعلم المرء أن العلم عبادة



قال بعض العلماء : ” العلم صلاة السر، وعبادة القلب.

و كما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر من الحدث و الخبث فكذلك لا يصح العلم الذي هو عبادة القلب إلا بطهارته

قال سهل : حرام على قلب أن يدخله النور و فيه شئ مما يكره الله عز و جل وعليه، فإن شرط العبادة إخلاص النية لله سبحانه وتعالى، لقوله : (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) الآية.

وفي الحديث الفرد المشهور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الأعمال بالنيات) الحديث

.فإن فقد العلم إخلاص النية، انتقل من أفضل الطاعات إلى أحط المخالفات، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تعلم علما يبتغى به - يعني به وجه الله - لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة- يعني ريحها “. صحيح


" من طلب العلم ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار" الراوي:عبدالله بن عمر المحدث: الألباني- المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 207
خلاصة الدرجة:حسن

ولا شيء يحطم العلم مثل :
الرياء

؛ ومثل التسميع؛ بأن يقول مسمعاً: علمت وحفظت...

وقال الشافعي رحمه الله تعالى: (إذا أنت خفت على عملك العجب فانظر رضا من تطلب وفي أي ثواب ترغب ومن أي عقاب ترهب وأي عافية تشكر وأي بلاء تذكر فإنك إذا تفكرت في واحد من هذه الخصال صغر في عينك عملك) فانظر كيف ذكر حقيقة الرياء وعلاج العجب وهما من كبار آفات القلب.

وقال الشافعي رحمه الله عنه: (من لم يصن نفسه لم ينفعه علمه)،

قال صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح
"يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيقال : أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ قال : كنت آمركم بالمعروف ولا أفعله وأنهاكم عن المنكر وآتيه . “


وعالم بعلمه لم يعملن *** معذب من قبل عبادالوثن


وقال رحمه الله: ( من أطاع الله تعالى بالعلم نفعه سره)،

ولكل عمل ثمرة فمن زرع شجرة الإخلاص يجنى ثمار القبول





.
ثمرات الإخلاص في طلب العلم




قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله :"مَنْ طَلَبَ العِلْمَ خَالِصًا، يَنْفَع ُبِهِ عِبَادَ اللهِ، وَيَنْفَعُ نَفْسَهُ؛ كَانَ الخُمُولُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ التَّطَاوُلِ، فَذَلِكَ الذِي يَزْدَادُ فِي نَفْسِهِ ذُلاًّ، وَفِي العِبَادَةِ اجْتِهَادًا، وَمِنَ اللهِ خَوْفًا، وَإِلَيْهِ اشْتِيَاقًا، وَفِي النَّاسِ تَوَاضُعًا، لاَ يُبَاليِ عَلىَ مَا أَمْسَى وَأَصْبَحَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا" [شعب الإيمان، للبيهقي: 2/288]


هذا مصداقا لقوله تعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}‏‏[سورة فاطر‏:‏آية 28]


فكلما ازداد العالم علما ازدادت خشيته لعلمه بعظيم مقام الله عز وجل








فالزم الإخلاص تنل التوفيق والقبول



الحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق