السبت، يونيو 15، 2013

7_ تابع أسباب الفتور لدى طالب العلم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام
على خاتم المرسلين سيدنامحمد وعلى
آله وصحبه أجمعين
أما بعد
نتابع بحمد الله ذكر أسباب الفتور
الذى يلحق بطالب العلم فى رحلة الطلب

********************

- مفارقة الجماعة ، وإيثار حياةالعزلة و التفرد :


طريق العلم طويلة الأبعاد، متعددة المراحل (يكون مبتدأ فمتقدم فمعلم وما زال يتعلم وهكذا )، كثيرة العقبات في حاجة إلى تجديد ، فإذا لزمها المسلم معالجماعة ، وجد نفسه دوماً ، متجدد النشاط ، قوى الإرادة ، صادق العزيمة ، أما إذاشذّ عن الجماعة وفارقها ، فإنه سيفقد من يجدد نشاطه ، ويقوى إرادته ، ويحرك همته ،ويذكره بربه فيسأم ويمل ، وبالتالي يتراخى ويتباطأ ، إن لم ينقطع ويقعد .
فأنت فى حلقاتك وسط أخواتك من طالبات العلم تجدين أختا تذكرك بالموعد وأخرى تدلك على حلقة جديدة وثالثة تتعاون معك لتحفظا معا أو تتعاهدا الدروس وهكذا أينما توجهت وجدت من يعين ويدل على خير أما إن اعتزلت وسرت وحدك فمتى ضعفت همتك وقفت ومتى انتهت حلقتك توقفت لأنك على غير علم بغيرها وهكذا

وكلنا تعلم أن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية ( الوحيدة الشاردة )

فإنك إن ضعفت همتك وجدت من يعين وإن قل فهمك وجدت من يبين وان نسيت وجدت من يُذكر وهكذا


ولعل هذا من أسباب حرص الإسلام وتأكيده وتشديده على لزوم الجماعة، وتحذيره من مفارقتها، و الشذوذ عنها إذ

قال تعالى:{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [ آل عمران: 105].

نحن هنا نتكلم عن الجماعة الصالحة الصحبة الطيبة التي تبنى وليست التي تهدم
وقد ذكرنا من قبل كيف أن الشيخ بكر رحمه الله صاحب كتاب الحلية قد وضح فيها صفات طالب العلم ليبين لطالب العلم الحقيقي صفة المندسين فى رحلة الطلب لأن من هؤلاء المندسين من هم أصحاب همم ضعيفة تجذب السائر معها إلي أسفل وتحط العزائم وتضيع الأوقات فتجدي من هؤلاء من تضيع عليك وقت الدرس أو تدلك على ما ليس بنافع

فلننتبه للصحبة فلزوم الجماعة مشروط بأن تكون هذه الجماعة صالحة نافعة

ولا نتهم أحد بقولنا صالحة فنقول ان من يدعوك لغير النافع وإن لم يكن حراما هو غير صالح

إنما نقول انه ليس صاحب همة ومعرفته تضر أكثر ما تنفع

فلعل البعض ينخدع بأن الصحبة طيبة ولا تصيب حراما

لكنه أن تحرى وجدها أيضا لا تصيب نافعا وتضيع الوقت وتسرف فى المباح مما يضر به ولا ينفعه

فلننتبه لجماعتنا التي نلتزمها فى سبيل العلم


*****************************

ـ دخول جوفه شئ محرم أو به شبهة:

******************


إما بسبب تقصيره ( لم يجتهد لمعرفة الحلال من الحرام فوقع فى اكتساب الحرام ) وعدم إتقانه للعمل اليومي الذي يتعيش منه، (كالعامل الذي يتفنن فى التهرب من العمل فى أوقاته الرسمية لإتمام مصالحه الشخصية، أو يؤدى عمل ويفسده ولا يكون مطابقا للمواصفات من اجل انه ليس هناك رقيب أو أن المقابل غير مجدٍ أو غيره من أسباب البشر الواهية) ولو فرضنا انه كما يدعى البعض فيقول أنا أعمل على قدر الأجر المتحصل فهو قد قدَّر أن ما يأخذه من اجر مقابل عمله غير متناسب فلماذا إذا وقعت العقد ووافقت فما دمت وافقت فأنت عند شرطك فالمسلمون عند شروطهم

فأنت وافقت على أن تتناول هذا الأجر مقابل العمل فى هذا الوقت فعليك الالتزام لما اتفقت عليه.حتى وان كان الطرف الآخر قد اجحفك حقك فأمره لله فصلى الله عليه وسلم يقول





لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن أساءوا أسأنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسنوا أن تحسنوا وإن أساءوا أن لا تظلموا
تخريج السيوطي : (ت) عن حذيفة.
تحقيق الألباني : (ضعيف) انظر حديث رقم: 6271 في ضعيف الجامع






ولو اعتبرنا الحديث ضعيف فلا بأس من أخذ المعنى ولو على انه حكمة او نصيحة فهو معنى طيب ومفيد
والله نسأل السلامة
فالحديث هنا معناه طيب ويحث على خير من أن المرء لابد أن يكون محسنا وعمله طيبا على كل حال سواء وجد من يعينه أو لم يجد.

وكذلك يمكن للمرء أن يكسب حراما بسببتعامله فيما نسميه شبهة،


ويقول صلى الله عليه وسلم

الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن
















اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب


قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث :









فما لم تعرف له أصلا من حلال أو حرام فتجنبه

تركا للشبهة لئلا نقع فى الحرام ونحن لا نعلم

فمن تركها فقد استبرأ لدينه وعرضه


كانت المرأة تقول الصالحة تقول لزوجها

حين يبادر بالخروج للعمل اتق الله فينا

وإياك والحرام فإنّا نصبر على الجوع والعطش

ولا نصبر على عذاب النار

الان نرى الكثير قد وقع فى الشبهة

فمثلا موظف شركة ما ويعمل سائقا فيها

ونجده ستعمل السيارة فى أداء اغراضه

ومصالحه الشخصية من دون علم صاحب العمل

فلو انه علم لما وافق فهذا من الحرام والسحت والغلول

لانه استحل ما ليس له بحق

ثم يرجو التوفيق للطاعة او التوفيق

فى طلب العلم فكيف ذلك

ولنقس على هذا المثال كل من يعمل فى جهة
ويستخدم أدواتها فى مصالحه الشخصية
وهو غير مسموح فقد وقع فى شبهة الحرام
هذه نماذج تمر كل يوم أمام أعيننا عافانا الله
ووقانا شر الحرام
من أثرها أن تحرم صاحبها التوفيق لاى خير



كما يمكن الوقوع فى الحرام بسبب غير ذلك،

فمثل هذا يعاقب من سيده ومولاه،

وأدني عقاب في الدنيا، أن يفتر فيقعد

ويرقد عن الطاعات، أو على الأقل يكسل

ويتثاقل فلا يجد للقيام لذة، ولا للمناجاة حلاوة.

ولا للعلم سبيل


يقول الله عز وجل :

{ يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان ، إنه لكم عدومبين }

ويقول سبحانه وتعالي :

ولننظر فى الآتي كيف يربط المولى عز وجل بين الكسب الحلال والأكل الطيب وما يتبعه من عمل صالح فيقول عز وجل :

{ يا أيهاالرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً ، إني بما تعملون عليم }المؤمنون 51



إذ انه من الواضح أن الكسب الحلال وترك الحرام يُرزق المرء بفضله سبل العمل الصالح الذي نعتبرتحصيل العلم احد فروعه كما تعلمنا أن العلم عبادة
وقال سهل رحمه الله

إن العلم نوروحرام على قلب
فيه شيء من الحرام أن يدخله النور

كل الآيات والأحاديث تدعونا بإلحاح

إلى تحرى الحلال فى المأكل والمشرب

فيعين المولى عز وجل هذا المرء

ويوفقه للطاعات ومن الطاعات طلب العلم

فيا من تبتغى العلم أطب مطعمك

وتحر الحلال يرزقك الله التوفيق



************************

ـ عدم الاستعداد لمواجهة معوقات الطريق :


ذلك أننا نجد بعض العاملين يبدءون السير في الطريق دون أن يقفوا علىمعوقاته ، من زوجة أو ولد ، أو إقبال دنيا ، أو امتحان ، أو ابتلاء ،أو نحو ذلك ، وبالتالي لا يأخذون أهبتهم ، ولا استعدادهم ،وقد يحدث أن يصدموا أثناء السير بهذه المعوقات ، أو ببعضها ، فإذا هم يعجزون عن مواجهتها ،فيفترون عن العمل إما بالكسل والتراخي ، وإما بالوقوف والانقطاع .


لهذا نجد المولى عز وجل نبه وحذر فى القرآن الكريم من معوقات الطريق

إذ يقول سبحانه :
قال الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) } سورة التغابن


ويقول سبحانه :
وَاعْلَمُواْأَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌعَظِيمٌ «28» الانفال


ويقول تعالي :
}مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّب{ آل عمران 179


نعم لابد من امتحان وابتلاء وإعاقة تميز الخبيث من الطيب

وتمحص صدق السالك


، ويقول سبحانه :

ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } ، العنكبوت



{ ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ( محمد 31


هذا يعنى أنها معوقات لابد من الالتفات لهالتوقيها

اضعها نصب عينى واعلم اسبابها كى اعد وسائل مواجهتها


كما يمكن أن تكون من الابتلاءاتلتمحيص الصادق فى الطريق من المندس فلننتبه

ولنضرب لذلك أمثلة توضح الأمر للسالك

نحن أنفسنا فى حلقتنا هذه قد تعرضنا لظروف طرأت علينا اضطرتنا لتأجيل الحلقة لأسبوعين كاملين فمنا من صبر ورابط وانتظر وظل فى ترقب لعودة الحلقات ليستأنف المسير ومنا من هبطت عزيمته وفترت همته وذهبت حماسته وترك الحلقة

هذا من التمحيص حتى لا ينال الخير إلا من يستحقه

لأن مجالس العلم روضة من رياض الجنة لا ينال نفحاتها ولا حلو فضلها إلا المرابط على أعتابها يتحينها وينتظرها.


وعلى الجانب الآخر نجد أخت تقول أن زوجها عائق من معوقات

الطريق فى طلب العلم لأنه دائما يتثاقل من ارتباطها بحلقات علم فى أوقات تواجده بالمنزل وهو مما يثير حزنها

نقول أن المرأة الذكية لابد أن تتعلم ترتيب أولوياتها

واهتماماتها وتنظيمها فلا يجور حق على حق آخر

فطلب العلم حق وأيضا طاعة الزوج ومراعاة احتياجاته حق

وهنا لابد من مراعاة الأهم فالمهم

فلتنظم الأخت الطالبة وقتها والخير كثير ومجال وسبل العلم وفيرة فلتنتقى من الأوقات ما لا يتعارض مع تواجد الزوج أو أوقات أداء احتياجاته وكذلك لابد أن تنظم وقتها فلا يجور وقت طلب العلم على وقت أداء احتياجات المنزل فتبدو أمام الزوج مقصرة فى حقوق بيتها مما يدفعه بقوامة الرجل من منعها من التعلم لأنه أدرك أن هذا التقصير نابع من هذا الريق الجديد الذي سلكته لطلب العلم فتتعدى هذه الأوقات المتاحة لطلب العلم وتجور على أوقات حقوق أخرى

ثم تعود الأخت الطالبة وتنعت زوجها أنه معوق لها فى طلب العلم وهى فى الاساس سببا فى ذلك لأنها لم تحسن تنظيم وقتها وتحسن توقى هذه المعوقات من بيت وزوج وأبناء فتحسب لكل منهم حسابه وحاجاته فلا تتعداها لغيرها حتى تؤت كل ذي حق حقه فلا تكون قد أدت حق وأفسدت الآخر وتجاوزته


وكوني أنت الحكيمة ولا تثيري ضيق زوجك فتجعليه يهب لمنعك جراء فعلك فتجعليه أنت معوقا بيديك مع العلم انك كنت قادرة على أن تجعليه لك معينا فى رحلة الطلب فانتبهي وكوني حكيمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا.


أخت أخرى تقول أشعر بصعوبة فى الفهم والتواصل مع المعلمة أو أشعر أن مستوى أخواتي العلمي أعلى منى أشعر أنى لا أتقدم فى طلب العلم استثقل العلم أنا احضر ولا أفهم شيء

نقول لها اصبري يقول صلى الله عليه وسلم







( صحيح مرفوعا )

عن أبي الدرداء قال:


العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه.









ونذكرها بالآية الكريمة

" واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم الغداة والعشى يريدون وجهه "

فاصبري مع أخواتك فستجدين من تأخذ بيدك أو من تفهمك أو من تتعاون معك على الحفظ وغيره فى طلب العلم فلا يكون ذلك معوقا يقطع عليك السبيل


هناك من ترى أن الأبناء معوقين لها فى سبيل العلم إما لصغر سنهم وانشغالها بهم أو لتواجدهم حولها أثناء التعلم فيسببون لها التشتت

نقول أن الأبناء هم الغرس فانتبهي واحذري أن تُشعري ابنك بنبذك له من جراء ما يحدثه لك من فوضي أو التفات أو تشتت أثناء درسك فيبغض العلم وأهله والأوقات التي تتركيه فيها لتلقى العلم ..فكل ما يهم الابن أن يجد أمه متاحة لها طول الوقت ومتى وجدها انشغلت عنه أثار ذلك ضيقه وغيرته وراح يسبب لك المضايقات لتتفرغي له فانتبهي

أولا لابد أن تزرعي فى ابنك تقديرك للعلم وطلب العلم ووقت التلقي ويكون ذلك بأن يراك وأنت مهتمة وجالسة فى اهتمام واحترام للعلم والمعلم وان لم تكوني ترينه كما هو حال التعلم على النت وذلك حين يراك مهتمة وحاضرة فى موعدك وتعدين أمورك قبل درسك حتى تتفرغي فلا تضطرين لقطع الدرس لأي عارض ومتى وصل له هذا الشعور سوف يقدر هو العلم وأهله بصورة تلقائية...ثم لتقومي بتحفيزه فتشعريه انه يعاونك فتحدثيه انه يشاركك الأجر أن هو أعانك ووفر لك الهدوء وقت الدرس وان كان صغيرا لا يدرك هذه المعاني فلتوفري كل احتياجاته فتتمي لها حاجاته من أكل وشرب ونظافة قبل موعد درسك ثم تعدين له مكان اللعب حولك ليكون هادئا

وإن حدث بعد ذلك منه ما يشغلك فقد قمت بما عليك واحتطت للأمر ولله الأمر من قبل ومن بعد

هذه أمثلة لبعض ما يمكن أن تلاقيه فى بداية رحلة طلب العلم فلتنتبهي له

إذاً فمن الحكمة فى بداية سلوك سبيل العلم أن أضع كل عائق يمكن أن أجده أمامي وأقدره وأضع له حلولا حتى إن وجدته يوما استطعت أن أتفاداه فلا يقطع علىَّ سبيل العلم.


********************************

يُتبع إن شاء الله

^

^

^

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق