الاثنين، يونيو 24، 2013

13_ الفصل الأول ( ملازمة الخشية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه

حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه
نحمده تعالى حمد عباده الذاكرين الشاكرين
حمدا يوافى نعمه علينا ويكافىء مزيدا
ونصلى ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
صلاة وسلاما دائمين متلازمين الى يوم الدين

أما بعد


متابعة تفريغ اداب طالب العلم فى نفسه

ملازمة خشية الله تعالى:
التحلي بعمارة الظاهر والباطن بخشية الله تعالى؛ محافظاً على شعائر الإسلام، وإظهار السنة ونشرها بالعمل بها والدعوة إليها؛ دالاً على الله بعلمك وسمتك وعلمك، متحلياً بالرجولة، والمساهلة، والسمت الصالح.
وملاك ذلك خشية الله تعالى، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:
“أصل العلم خشية الله تعالى”. فالزم خشية الله في السر والعلن، فإن خير البرية من يخشى الله تعالى، وما يخشاه إلا عالم، إذن فخير البرية هو العالم، ولا يغب عن بالك أن العالم لا يعد عالماً إلا إذا كان عاملاً، ولا يعمل العالم بعلمه إلا إذا لزمته خشية الله.
وأسند الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى بسند فيه لطيفة إسنادية برواية آباء تسعة، فقال
[1]: أخبرنا أبو الفرج عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن زيد بن أكينة ابن عبد الله التميمي من حفظه؛ قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبى يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب يقول:
“هتف العلم بالعمل، فإن أجابه، وإلا ارتحل” ا هـ.
وهذا اللفظ بنحوه مروي عن سفيان الثوري رحمه الله تعالى.


نلحظ ان شاء الله أن كل الآداب مترتبة على بعضها البعض

وأن ملاك الأمر كله هو محبة الله عز وجل بصدق




قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : ” القلب في سيره إلى الله ـ عز وجل ـ بمنزلة الطائر ؛ فالمحبة رأسه ، والخوف ، والرجاء جناحاه ؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيِّـدُ الطيران ، ومتى قطع الرأس مات الطائر ، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائدٍ وكاسر “ .

فالمرء يسير بقلبه إلى الله تعالى على طريقه المستقيم
وملاك الأمر هو محبة الله تعالى
فمتى تملك حب الله تعالى من قلب العبد أصبح الطريق سهلا ممهدا للوصول إلى رضوان الله تعالى
ذلك لان المحب الصادق لا يبحث الا على رضا من يحب
فينحى هوى نفسه جانبا ولا يصير هوى نفسه إلا إتباعا لهوى من يحب


فكيف يتحصل العبد على هذا الحب؟؟؟


كلنا نعلم من سيرة الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه
لما بدأ في الدعوة في المجتمع الاسلامى الأول
رأيناه قد اهتم بترسيخ العقيدة وتعريف المسلمين الأوائل بإلههم المطلوب منهم عبادته من باب العلم قبل العمل كما ذكرنا آنفا
فليعلم المسلم من إلهه المطلوب منه عبادته ثم ليتعلم بعد هذه المعرفة إلى طريقة عبادة هذا الإله
فمتى عرف المسلم ربه أحبه
ومتى أحبه وتملك حب الله من قلب العبد
صار كل عمل العبد لله تعالى

وقال يحيى بن معاذ : ليس بصادق من ادعي محبة الله ولم يحفظ حدوده

قيل :
ولو قلت لي مت مت سمعا وطاعة
*** وقلت لداعي الموت أهلا ومرحبا


ولبعضهم‏:‏

تعصي الإله وأنت تزعم حبه *** هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع



فجميع المعاصي إنما تنشأ من تقديم هوي النفوس على محبة الله ورسوله
لكن المحب حتى في تعريفنا الآدمي نجده متلهفاً إلى ذكر محبوبه
وكذلك نجده متلهفا لتنفيذ رغبات المحبوب دون أن يطلبها بل لمجرد أن يعلم انه يحب أمرا ما

ولنضرب مثلا ولله المثل الأعلى
كمثل الزوجة مع زوجها
فمن خلال محبتها لزوجها نجدها تؤثر هواه
تتفقد مواطن عينه فتجملها
تتفقد مواطن رغباته فتنفذها حتى دون وقبل أن يطلبها
مجرد أن تعلم انه يحب أمراً ما فإنها تبادر بعمله لكي تدخل السرور على قلب زوجها
أو محاولة لنيل رضاه أونيل الحظوة أوزيادة محبته لها في قلبه

هذا في الحب الدنيوي بين العباد
ولله المثل الأعلى



متى تملك حب الله من قلب العبد
فانه يكثر من ذكره
لا يجلس مجلسا إلا وكان جل ذكره لله
لا يدرك أمرافيه رضاه إلا وأتاه
ولا يعلم نهيا إلا تجنبه وتركه
ولا يدرك أمرا فيه رضاه إلا ابتدر به عمله
تلك مقدمة ضرورية


لأننا نقول أن ملاك الأمر في محبة الله فهي كما شبهها ابن القيم رحمه الله
إنها كراس الطائر
فمتى قطع الرأس فُقدت الحياة
فلا حياة ولكن موت

فحب الله تعالى فيه حياة القلب والروح والجسد أيضا
وهنا تصبح كل الأمور
كل فعل كل أمر كل نهى يمتثل له المرء من باب انه لله
لوجه الله تعالى
كما يقول المولى عز وجل


{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً }الإنسان9

اى انه اى عمل فقط وفقط كل المبتغى من ورائه هو رضا الله عز وجل

هنا وبعد ما ملأ حب الله قلب العبد صار كل عمل يسير

لان الحب لله سيتولد منه الإخلاص وينجو من الرياء
لأنه لا يعقل أن تحبه وتعمل لغيره

ثم تتولد باقي الآداب

فمن معرفة العبد بخالقه ومحبته له وتعظيمه لشأنه ومعرفته لطلاقة قدرته واعتقاده في نفاذ إرادته

تتولد الخشية منه كما انه يصبح في كل وقت وحين متفقدا لقلبه متحريا صحة أعماله مما يورثه دوام المراقبة

لذلك نعود فنقول أن ملاك الأمر هو محبة الله عز وجل

وكما قلنا انه تحصل بتلك المحبة الخشية وعليه فلابد من التزامها

ولكن قبلا نعرض لمعنى الخشية ونفرق بينها وبين الخوف

الفرق بين الخشية والخوف :
الخشية تكون من عظم المخشي بينما الخوف يكون من ضعف الخائف .
لذا فالخشية أعظم من الخوف .

قال الله تعالى : إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]

فالعلماء هم الذين يخشون الله؛ لأن الناس في هذا أنواع:

فالنوع الأول:العالم بالله، والعالم بدين الله، فهومن يخشى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

النوع الثاني: عالم بالله غير عالم بدين الله، وهذا الذي وقع فيه كثير من العباد، فهو لديه حقائق الإيمان واليقين والإخلاص والرجاء والرغبة والخوف؛ ولكنه غير عالم بدين الله، فلا يعرف الحلال من الحرام، وربما وقع في البدعة فخرج عن طريق الإيمان والعلم، ولم يعد عالماً بالله.

النوع الثالث: من ليس عالماً بالله ولا عالماً بدين الله،

عافانا الله تعالى

يقول ابن القيم : ' فهي -أي: الخشية- خوف مقرون بمعرفة،

قال صلى الله عليه وسلم

أما و الله إني لأتقاكم لله ، وأخشاكم له


الراوي: عمرو بن أبي سلمة المحدث:
الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1335
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وفى رواية


جزء من حديث


إنما أنا أعلمكم بالله و أخشاكم له

الراوي: - المحدث:
الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 208
خلاصة حكم المحدث: صحيح



إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا .


الراوي: عائشة المحدث:
البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 20
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


فالخشية مقترنة بالعلم، ففيها زيادة العلم والمعرفة بالمعبود سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبيَّن ابن القيم الفرق بينهما فقال: 'فالخوف حركة، والخشية انجماع وانقباض،


والخشية من الله هي انكسار القلب من دوام الانتصاب بين يدي الله تعالى، والخشيةأعلى مقاماً من الخوف لأن الخشية لا تكون إلا عن علم بالمخوف، لقوله تعالى ( إنمايخشى الله من عباده العلماء
فكلما تعرف العالم على ربه وزاد علما بملكه وقدرته وسطوته ورحمته زاد له حبا ومنه خشية

ولما تحصلت الخشية فى قلب العبد فكيف تكون المداومة عليها


دوام الخشية من الله :

إن العبد اذا استمر على محاسبته لنفسه وتوبيخها صار من العارفين بالله العالمين به علم
اليقين الذين قال الله فيهم(انما يخشى الله من عباده العلماء)

لان العلم اذا لم يزود صاحبه

خشية لله فليس بعلم نافع.

لان كل علم لم يتوصل به الى معرفة الله والوصول اليه مع خشيته فهو ليس بعلم نافع




نسال الله تعالى ان يرزقنا العلم النافع والعمل


^
^
^


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق