الاثنين، يونيو 24، 2013

14 _ الفصل الأول ( دوام المراقبة

دوام المراقبة:
التحلي بدوام المراقبة لله تعالى في السر والعلن، سائراً إلى ربك بين الخوف والرجاء، فإنهما للمسلم كالجناحين للطائر.
فأقبل على الله بكليتك، وليمتلئ قلبك بمحبته، ولسانك بذكره، والاستبشار والفرح والسرور بأحكامه وحكمه سبحانه.

قال الله تعالى :

( فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [االأعراف: 99]
. وقال تعالى :
( إِنَّهُ لا يَايْئسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) [يوسف: 87] .


وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ، ما طمع بجنته أحد ، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ، ما قنط من جنته أحد )) رواه مسلم(295) .


قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : ” القلب في سيره إلى الله ـ عز وجل ـ بمنزلة الطائر ؛ فالمحبة رأسه ، والخوف ، والرجاء جناحاه ؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيِّـدُ الطيران ، ومتى قطع الرأس مات الطائر ، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائدٍ وكاسر “ .
الجمع بين الخوف والرجاء ، وتغليب الرجاء في حال المرض


اختلف العلماء هل الإنسان يغلب جانب الرجاء أو جانب الخوف ؟ .
فمنهم من قال : يغلب جانب الرجاء مطلقاً ، ومنهم من قال : يغلب جانب الخوف مطلقاً .


ومنهم من قال ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه سواء ، لا يغلب هذا على هذا ، ولا هذا على هذا ؛ لأنه إن غلب جانب الرجاء ؛ أمن مكر الله ، وإن غلب جانب الخوف ؛ يئس من رحمة الله .
وقال بعضهم : في حال الصحة يجعل رجاءه وخوفه واحداً ، وفي حال المرض يغلب الرجاء.

وقال بعض العلماء أيضاً : إذا كان في طاعة ؛ فليغلب الرجاء ، وأن الله يقبل منه ، وإذا كان فعل المعصية ؛ فليغلب الخوف ؛ لئلا يقدم على المعصية .

والإنسان ينبغي له أن يكون طبيب نفسه ، إذا رأى من نفسه أنه أمن من مكر الله ، وأنه مقيم على معصية الله ، ومتمنٍ على الله .الأماني ، فليعدل عن هذه الطريق ، وليسلك طريق الخوف .
وإذا رأى أن فيه وسوسة ، وأنه يخاف بلا موجب ؛ فليعدل عن هذا الطريق وليغلب جانب الرجاء حتى يستوي خوفه ورجاؤه .


فصل في فضيلة الرجاء
روى فى “ الصحيحين” من حديث أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: قال الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي


الراوي: أبو هريرة المحدث:
البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7505
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
‏"‏‏.‏


سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل موته بثلاثة أيام ، يقول " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل " .
الراوي: جابر بن عبد الله المحدث:
مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2877
خلاصة حكم المحدث: صحيح

فالرجاء منزلة عظيمة من منازل العبودية وهي عبادة قلبية تتضمن ذلاً وخضوعاً ، أصلها المعرفة بجود الله وكرمه وعفوه وحلمه ، ولازمها الأخذ بأسباب الوصول إلى مرضاته ،فهو) حسن ظن مع عمل وتوبة وندم (.


وإلا ما كان الامر بدون ذلك إلا أماني

{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }النساء123

والخوف كذلك منزلة عظيمة من منازل العبودية ، وصرفها لغيره شرك أكبر وهو من عبادات القلوب التي لا تكون إلا لله بتمام الاعتراف بملكه وسلطانه ، ونفاذ مشيئته في خلقه .

قد أثنى الله -سبحانه وتعالى- على عباده؛ الذين يعبدونه بالخوف والرجاء ، قال سبحانه : (( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ))




تعريف المراقبة ؟


المراقبة : دوام علم العبد ويقينه بإطلاع الله على ظواهره وبواطنه
فهذه المراقبة تجعل في القلب نوع من المعرفة ,, معرفة التعبد باسم الرقيب الحفيظ العليم الخبير ,, وهي مراعاة للقلب بان هناك رقيب وهو الله سبحانه ويقينه باطلاع الله عليه

فالعبد الذي رزقه الله عبادة المراقبة يعلم ان سر القلب بحق الله مكشوف
كما أن ان ظاهرك للبشر مكشوف

لماذا سر القلب بحق الله مكشوف ؟
لان سر القلب لا يعلمه الا الله
فلنتذكر جميعا قول الله تعالى


وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً{52} الاحزاب


وقول الله تعالى

}وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {4 الحديد

وقول الله تعالى


{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى }العلق14


وقول الله تعالى

{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [البقرة: 2/235]

رحم الله عبدا واقفا عند همه فان كان لله مضى وان كان لغيره تأخر



كيف يتم تحقيق المراقبة ؟


1- دوام علم العبد ويقينه بإطلاع الله على ظواهره وبواطنه


2- أيضاً المراقبة تكون بالتوبة وعدم الإصرار على المعصية مع اداء حقوق العباد


3- وتكون بأدب والشكر على النعم التي رزقناها الله سبحانه




4- البعد عن اصدقاء السوء والحرص على الرفقة الصالحة

يقول الله تعالى { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ
عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَـــــــانَ أَمْرُهُ فُـــــــرُطاً )الكهف28 }



5- استحضار نعيم الجنة وعذاب النار فكل نعيم دون الجنة والله سراب وكل عذاب دون النار عافية


لذلك كي اتوصل الى مراقبة الله سبحانه وتعالى لا بد من أن نعبد الله باسماءه وصفاته سبحانه وتعالى وخاصة الرقيب السميع والحفيظ العليم الخبير البصير الشهيد المحصي


و من لم يعبد بمقتضاها لم يحصل على المراقبة





ولنعلم ان الله مطلع على الدوام فاذا وعى القلب ذلك حصل للقلب والجوارح من الآداب الخير الكثير


قد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفية مراقبة الله سبحانه فقال ""اتق الله حيث ما كنت

وقال أيضاً "" احفظ الله تجده تجاهك


وقد قيل


اذا ما خلوت الدهر يوما لا تقل... خلوت ولكن قل علي رقيب







اذا وعظنا للناس فلنكن واعظين لأنفسنا ولقلوبنا ولا يغررنا اجتماعهم علينا فإنهم يراقبون الظاهر والله يراقب الباطن

نسأل الله أن يرزقنا المراقبة وأن يرزقنا خشيتة سبحانه في السر والعلن ,, آميييين



فأقبل على الله بكليتك وليمتلئ قلبك بمحبته ولسانك بذكره والإستبشار والفرح والسرور بأحكامه وحكمه سبحانه .

بكليتك : أي بجسدك وروحك وبإخلاص

نكرر انه متى تَحَصَّل حب الله للعبد لهج لسانه بذكره وحاله بالسعى اليه بكل عمل يرجو فيه رضاه وجهه


ومتى ما تحققت الخشية والمراقبة فان العبد يعبد الله تعالى بمقام الاحسان
وهو كما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم


الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك


الراوي: أبو هريرة و عمر بن الخطاب
المحدث: الألباني -
المصدر: صحيح الجامع -
الصفحة أو الرقم: 2762
خلاصة حكم المحدث: صحيح


متى استشعر المسلم أنه أثناء عبادته يرى الله فى هذه اللحظة كيف سيكون
لن يكون منه إلا أن

ـ يتهيأ بافضل لباس وأحلى زينة كى يكون أجمل منظرا أمام الله عز وجل

ـ لن يفارق البِشْر وجهه فسيظل منطلق الوجه مستبشرا لدوام نظر الخالق عز وجل له ورؤيته لله عز وجل

ـ لن يكون إلا في أفضل حالة من الوقار والسكينة كي تبدو هيأته بصورة مشرفة مرضية أمام ربه عز وجل

ـ سيؤدى عبادته على أكمل وجه وبأفضل وسيلة ( إسباغ وضوء ..خشوع فى صلاة.. حفظ صوم .وغيره )
كى يحوذ رضا الخالق عز وجل

يا الله ما أكرمها من معان وأمتعها من لحظات وأنفعها من وسيلة نعبد بها الله تعالى علمنا إياها رسولنا الكريم صلوات ربى وسلامه عليه

فيارب نسالك أن تبلغنا هذه المقامات العلية عند ذكرك وعبادتك
اللهم ارزقنا الإخلاص ولا تحرمنا القبول


^
 الان لنقف وقفة نطبق فيها ما ذكرنا عن الخشية والمراقبة
ونوقعهم على حال طالب العلم


فكيف يعيش طالب العلم بالخشية والمراقبة؟؟



1 ـ ليعلم طالب العلم أن العلم عبادة والعبادة تحتاج الإخلاص شرطا لقبولها فيكون صدق التوجه بالنية لله ليحقق هذه العبادة
مما يدفعه لانتقاء كل علم نافع لتحصيله كي يصل به إلى الله تعالى والى عبادته بعبادة حقة سليمة على ما يحب الله ويرضى
والخشية ستدفعه لتجنب التافه من العلوم وترك سفاسف الأمور التي لا تسمن ولا تغنى
فرب جهل لا يضر افضل من علم لا ينفع

الخشية ستكون عونا لطالب العلم أثناء التلقي أن يحسن الطلب وان يصدق النية لله وان يضع صوب عينيه هدفا غاليا للتحصيل ( كحوزة العلم النافع الذي يرضى الرب وينفع به العباد )

دوام المراقبة مع الخشية تورث عند الطالب حالة من الانتباه عند تحصيل العلم حتى يظل دوما مجدداً لنيته فلا يقع فى الرياء او السمعة حتى وإن بدأ بنية طيبة فانهما تعيناه على دفع أية نوايا يمكن أن تعرقل مسيرته وتفسد نيته التى بدأ بها


تدفع الطالب لان يؤدى حق وزكاة ما تعلم مع خفض الجناح للمسلمين والدعوة إلى الله تعالى بحكمة وموعظة حسنة

على هذا نرى ما لهذه الأخلاق على طالب العلم من أثر جميل
يُلزمه طريق الرشاد في الطلب والأداء
وملازمته لرضوان الله تعالى فقط الذى يقول
{إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى }الليل20

ثم انظر لعظم الجزاء من قيوم السموات والأرض

{وَلَسَوْفَ يَرْضَى }الليل21

اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار


لله الحمد والمنة تمت الحلقة

اسال الله تعالى ان يغفر لى ما كان من خطأ او زلل
وان يغفر لى ويرحمنى ويسترنى ويتقبل بما كان لى من خير وصواب
وان يجازى خيرا كل من اعان وتعلمت منه او استعنت بكلمة علمها لى أو قرأتها له أو نقلتها عنه
إنه ولى ذلك والقادر عليه


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق