السبت، مارس 19، 2011

تفريغ محاضرة أين قلبي وقت الفتن ؟؟ الجزء الاول

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله المحمود على صفاته..منزل على العباد رحماته..أنعم علينا من فيض بركاته..
الحمد لله المنزهة أسماءه..بسط لنا الأرض وأظلنا بسمائه..رحيم في قضاءه..كريم في عطاءه..
الحمد لله ذى الملك والملكوت..الواحد الموجود الحي الذي لا يموت..بصفات الكمال والجلال منعوت..
الحمد لله العظيم فى أفضاله..المنزه في أفعاله..له الحمد على كماله..وله الحمد على جلاله..
الحمد لله المحمود فى جميع الأوقات..
سبحان من شهدت بقدرته الكائنات..
سبحان من يسبحه الأحياء والأموات..
سبحان باسط الأرض رافع السماوات..
سبحانك يا رب ..
سبحان من خلق الإنسان من علق..
سبحانه هيأ له معيشته ورزق..
سبحان من فجر من الأرض الأنهار وشق..
سبحان من أخرج الحب من النوى وفلق..
سبحانك يا رب..
سبحان اللهم لا نحصى ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك
اللهم وصل وسلم على نبينا محمد..
وعلى آل نبينا محمد..وعلى أصحاب سيدنا محمد..
اللهم إنك قلت فى كتابك (وإنك لعلى خلق عظيم)
فصل ياربنا وسلم على صاحب الخلق العظيم..والقلب الرحيم..
اللهم صل على الصادق الأمين..من سمع للجزع الأنين..رؤوف بالمؤمنين.. رحيم
اللهم صل عليه صلاة من شر العذاب تنجينا..ومن سوء المنقلب تقينا..وفى الجنات ترفعنا وتعلينا..اللهم انفعنا بالصلاة عليه..ومتعنا برفقته والجلوس بين يديه..والعمل بسنته واقتفاء أثره..
إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير..
اللهم آمين  يا أرحم الراحمين..يا ارحم الراحمين..يا أرحم الراحمين..

أما بعد

قد أطلقت عنوانا على المحاضرة يقول
أين قلبي وقت الفتن
فلم خصصت القلب وجنبت ذكر العقل أو اى جارحة أخرى

أقول
قد قال نبينا صلى الله عليه وسلم

الحلال بين ، والحرام بين ، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس ، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات : كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة : إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب .
الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 52
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

الشاهد فيه
ألا وإن في  الجسد مضغة : إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب

ان القلب حاكم على سائر الجوارح
وهى له تابع

لذلك لابد من تتبعه وامتلاكه وإلا قاد صاحبه فأورده المهالك
فكيف يكون ذلك

كيف  أتتبع  قلبي
كيف أنقى قلبي من الشوائب والكدر
كيف أنجو ونفسي بصلاح قلبي

لا يكون إلا بان يكون الله ورسوله احب إليه مما سواهما

ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6941
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


الشاهد هنا
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ،
لعل البعض يتساءل وكيف محبة الله ورسوله تكون سببا فى إصلاح القلب
يقال  ممكن أن نصفها إنها عاطفة أو إحساس لكن كيف أقول أن فيها صلاح القلب

أقول
أن من احب أحدا أطاعه وآثر رضاه
وما أمرنا الله ولا رسوله إلا بما فيه الصلاح و الإصلاح والفوز والنجاة

فحب الله ورسوله يدعو المرء للعمل بما أمر والانتهاء عما نهى

{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31



وكذلك يتأتى صلاح القلب بالخوف والرجاء ترافقان المحبة
فقد قيل  : من عبد الله بالخوف والرجاء والمحبة فهو موحد
ثم لننظر لقول الإمام ابن القيم رحمه الله الجميل
والله هؤلاء قوم اخلصوا لله فنبعت الحكمة من أفواههم فاللهم جازهم عنا الجنة

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: القلب في سَيْرِه إلى الله عز وجل بِمَنْزِلة الطائر ؛ فالْمَحَبّة رأسه ، والخوف والرجاء جَنَاحَاه ، فمتى سَلِم الرأس والجناحان فالطير جَيّد الطيران ، ومتى قُطِع الرأس مات الطائر ، ومتى فَقد الجناحان فهو عُرْضة لكل صائد وكاسِر

لننظر هنا معا لقيمة محبة الله وقدرها يتضح ذلك من وصفها بأنها كرأس الطائر ونحن نعلم أن الرأس أهم جزء في الجسد فمتى سلمت فالطائر سليم ومتى قطعت انتهت حياته تماما فالمحبة للمرء كالرأس للطائر متى خلا القلب من محبة الله مات القلب وتخطفت صاحبه الشهوات والأهواء وشياطين الجن والإنس ..
ثم ترافق هذه المحبة الخوف والرجاء وهما ما يجعلا المرء يتابع عمله ويتحرى في عمله الصواب ورضوان الله تعالى
فالخوف يدفعه لترك المعاصي وتجنبها
والرجاء يدفعه لعمل الطيب لعل الله يقبله ويرضى عنه ويدفعه رجاؤه في قبول عمله إلى الزيادة .




وهنا لنا وقفة

لكل قول حقيقة فما حقيقة ادعاء المحبة وتحصيلها في القلوب

نقول أن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل
نعم
والمحبة أيضا لابد لها من مظاهر تدلل عليها وإلا كان ذلك ادعاءا

والإيمان يستدعى عمل وإلا كان  نفاقا وقول باللسان دون موافقته للجنان ولا  لعمل الأركان
فكل يوم اردد وأقول
الحمد لله آمنا بالله
أنا أؤمن بالله
أؤمن بقدر الله
أثق بقدرة الله
أرضى بقسمة الله
هذا لسان المقال أما لسان الحال فينافى ذلك
فكيف ذلك
لساني يقول أنى أؤمن بالله وقدره

لكن بمجرد أن أُبتلى أجدني جَزِعة وَجِلة خائفة مترقبة ...
مرض ابني قليلا أراني وقد تراكمت الهموم وتواثبت الظنون
على قلبي فلا أراني اخشع ولا أراني اهدأ
ولو أنى اتخذت السبب فأعطيته الدواء ثم فوضت الأمر لله إن أراد شفى وإن أراد غير ذلك فالحمد لله بيقين فقدره كله خير
هكذا بكل هدوء وثقة في قدرة الله وقدره

فأجد أوقاتي تمر  طيبة هادئة دون جزع أو قلق يؤثر بالسلب على كل أعمالي وتعاملاتي فتتوقف نشاطاتي وتتراجع خطواتي عن كل خير وأقنع نفسي أن لي حجة ..حجة مرض ابني فانا مشغولة القلب به وعليه
هنا نود معا قصة صغيرة ربما قرأناها جميعا أو ربما تعرض البعض لها
قصة المرأة التي كانت مع ابنها في المستشفي وهو ابن الشهور بل الأيام تراه يخرج من جراحة فيدخل في أخرى أو يتعرض لمضاعفات شديدة تعرض لها الابن ولم يجد الفريق الطبي هذه الأم إلا ممسكة بمصحفها تحمد الله على ما ترى وتقرأ في المصحف حتى ظن البعض أن هذه الأم ربما لديها من الأبناء الكثير فلم تكترث لحال هذا الابن .. ثم ما لبث بعد أن انتهى الأمر بفترة على الطبيب أن هذا الابن كان الأول وأيضا بعد فترة تأخر في الإنجاب لسنوات طويلة
لكن لا فرق لدى المؤمن فحاله مع الله ثابتة رضاءاً بقدره يقينا في حكمته تعالى

ثم ننتقل لمثال آخر

حان وقت زواج ابني أو ابنتي  يااااااااااااله من هم وثب على كتفي
من أين وكيف وهيهات و أراني نسيت مدبر الكون ومالك خزائنه
ألا توجهت له بثقة ويقين أن يمدني بسبب من عنده

تقول فتاة  كانت على وشك الزواج وكانت بسيطة الحال ولا تملك ما يمكن ان تؤسس به بيتها واحتياجاتها كأي فتاة وكان أهلها بسطاء لكنها بيقين قالت أن رزقي سوف يسوقه ربى لي
قالتها بيقين الواثق فى وعد ربه الذي وعد بأن يعين الناكح راغب العفاف  فكلمة الله صدق وعدل
وبالفعل ما لبثت أن وجدت الأمور تيسرت  وبدون أن نكمل ما حدث
كل ما يفيد هنا انه بمجرد أن وثقت في كلمة الله وطمأنت قلبها بأن الله تعالى سيعينها بالفعل أعان ... سبحانه


هذه نماذج من حياتنا أيقنوا بقدرة الله فأورثهم هدأة بال وأعطاهم سؤلهم

هذا اليقين الذي به استودع الأب الصالح الذي وردت قصته في سورة البقرة  فقد أودع بقرته عند الله أمانة وأطلقها في أرض الله تعالى ولم يستأمن عليها بشر فربما جارت نفس الشخص فجار وخان الأمانة
لكن الأمانة عند الله لا تضيع فحفظ الله له أمانته وردها سالمة لابنه عندما احتاجها ونفعه بها
وما كان ذلك إلا بيقين وثقة الأب الصالح في الله تعالى


سلم قلبك لربك طواعية قبل أن تذهب به إليه جبرا
ارض بقسمة الله يرضيك
اذهب إليه قبل أن تُبتلى فتُضطر أن تذهب
ولن تجد إلا ربك تلجأ إليه...سبحانه

ثم ننتقل إلى أمر آخر هام جدا ألا وهو ما ننادى به ليل نهار


كم مرة جندت الصفوف وأقيمت الدورات والندوات وغيرها
تدعونا للتدبر والفهم عن الله بمقصوده من الآيات
آيات ارددها بلساني لكن أين أنا من التطبيق

عن عبد الله بن عمـر – رضي الله عنهما - : " كنّا صدرَ هذه الأمّـة ، وكان الرجـل من خيـار أصـحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مامعـه إلا السّـورة من القرآن أو شبـه ذلك ؛ وكان القرآن ثقيـلاً عليهم ، ورُزقوا العمـل بـه . وإنّ آخـر هذه الأمّـة يُخفّف عليهم القرآن حتّى يقـرأ الصّبـيّ والأعجمـيّ ، فلا يعملون بـه " .
من مقال أخلاق أهل القرآن
الشيخ فائز عبد القادر شيخ الزور
من موقع صيد الفوائد

نعم فقد كانوا قرآنا آيات تتحرك فلم يحفظوه إلا أنهم عملوا به

كما كان يقول سيدنا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه
كنا نتعلم العشر آيات فلا نتجاوزها حتى نعلمها ونتعلمها ونعمل بما فيها

فانظروا معي
أين نحن من تلك الآيات التالية

{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }الرعد28

نعم فإن لم يطمئن القلب مع الذكر فلنعلم ان القلب مريض

حسنا فكيف أصل لهذا اليقين
الوصول لليقين امر طيب ولكنه يحتاج لمجاهدة فى النفس والتغلب على وسوسة الشيطان والنفس معا

هذا اليقين  يعلمه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيما اخبرنا به ربنا وشرعه لنا
وفيما قضاه علينا وامرنا بالرضا والتسليم
التسليم
مقام عزيز نسال الله تعالى ان يرزقنا إياه
نعلم ان هناك  فرق بين وصفنا لامر ما انه حال او انه مقام
فكونه حال اى انه عارضا
اما وصفه مقام فهو يعنى انه ثابت ومقيم
كالصفرة
 فصفرة الذهب ثابتة لا تزول فهى مقامه
اما صفرة وجه المريض حال سرعان ما تزول بالشفاء

فترانا نحن نتقلب فى احوال بين الرضا والوجل
ثم نعود فنثق ثم نتردد ثم نعود فنسلم ثم  نحسب و وو
ولكى نرزق مقام التسليم واليقين
اولا علينا بالدعاء

كما علمنا وعودنا رسولنا صلى الله عليه وسلم

أن النبي – صلى الله عليه وسلم – علمه وأمره أن يتعاهد أهله في كل صباح : لبيك اللهم لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، ومنك وإليك . وفي هذا الحديث : اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء ، وبرد العيش بعد الموت ، ولذة النظر إلى وجهك وشوقا إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة
الراوي: زيد بن ثابت المحدث: ابن خزيمة - المصدر: التوحيد - الصفحة أو الرقم: 34/1خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح]

الشاهد فيها
اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء

وكذلك نراه صلى الله عليه وسلم يعلمنا دوما اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء وطلب المعونة بحول الله وقوته
فنراه يدعو اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك
اللهم إني أسألك الثبات في الأمر

فالله المتفضل بالنعم والواهب للخير
فإن اعتمدنا على أنفسنا هلكنا فلا حول لنا ولا قوة إلا بإذن الله
وهذا من إظهار الافتقار لله والاحتياج إليه وهو حق
فأظهره طوعا خير من أن يظهره الله جبرا

ثم انظروا معي أن الرضا من الإيمان



 ذروة الإيمان أربع خلال : الصبر للحكم، و الرضا بالقدر، و الإخلاص للتوكل، و الاستسلام للرب


الراوي: أبو الدرداء المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 4320
خلاصة حكم المحدث: صحيح

حسنا علمنا ألان أول خطوة وهى التذلل للمولى بالدعاء كي أصل لهذا الحال ثم لا البث ألازمه حتى أصل لمقام الرضا والتسليم كما وضحنا

وبطلب المعونة من الله تعالى أعلنها بين يديه أنى ضعيفة النفس لا استطيع الثبات إلا بمعونتك يا ربى فأعنى


وأيضا من أفضل ما يشحذ الهمم  سيرة سيد الخلق وصحابته مصابيح الهدى خير قرون الأرض
فكيف عاشوا بالرضا والتسليم واليقين في الله


معنا نماذج من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة
نوردها تعلمنا كيف يكون اليقين


أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أخي يشتكي بطنه ، فقال : ( اسقه عسلا ) . ثم أتاه الثانية ، فقال : ( اسقه عسلا ) . ثم أتاه الثالثة فقال : ( اسقه عسلا ) . ثم أتاه فقال : قد فعلت ؟ فقال : ( صدق الله ، وكذب بطن أخيك ، اسقه عسلا ) . فسقاه فبرأ .


الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5684
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


يعلمنا صلى الله عليه وسلم  كيف تكون الثقة في كلمة الله
الله أخبر أن العسل فيه شفاء للناس
نعم أقف هنا ولا أتردد في قبولها واليقين فيها وان خالفها شيء فالخطأ في المخالف

وهذا فعل الصحابة

{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }الأحزاب22

هذا بعدما تعرضوا لشدة عظيمة وزلزلة شديدة

{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً }الأحزاب11

فبعد الابتلاء كان الصبر واليقين
حتى تحقق وعد الله  بالنصر

وهذا النداء لنا نحن

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }البقرة214

هذا حال الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته كان دوما ولو سقنا الأمثلة لن ننتهي ...صلى الله عليه وسلم ورضي عن صحابته أجمعين

ليست هذه الأمور خاصة بالسابقين فقط إنما لنا أيضا أن نتعلم من سيرهم وان ننحو نحوهم
كما ثبتوا وقالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله

صدقوا بكلمة الله
هذا ما ندعو إليه أن لو قرأت كلمة الله في القرآن لابد أن أعلم أن كلمة الله نافذة
لابد من اليقين  في صدق وعدل كلماته ونفاذ أمره تعالى

هذا أمر هام جدا وهذا ما ندعو إليه ...ندعو إلى التدبر
فالقرآن يخاطب الناس أجمعين إلى يوم القيامة
فنحن نقول فعلا أن قرآننا دستور حياتنا
قرآن .. كلمات تخط لنا مسيرتنا ليست كلمات نقرأها للتعبد إنما هي نهج ومنهج لا يجب أبدا أن نحيد عنه



وعليه فإن الرضا والتفويض لله لابد أن يلازم قلبي
ولابد لي أن أتلمس قلبي أين يكون وقت الابتلاء
اهو ثابت قانع راض أم انه متردد حائر
هذا في أمور حياتنا العادية

أما فيما يخص الفتن والمحن الشديدة مثال ما تمر به بلاد الإسلام الآن
سواء في مصر أو غيرها

لا أؤيد أبدا أن نذكر الأمر على انه أمر وطني فنؤيد التشرذم الذي نُدفع إليه دفعا
إنما هذه ظروف وأمور تمر ببلد مسلم ومن قبله بلاد مسلمة كثيرة .. الشيشان وغزة وتونس وغيرهم كلها بلاد مسلمة ومنهم من يجاهد لإعلاء كلمة الله تعالى
نحن رقعة إسلامية أينما امتدت وإن فرقت بينها الحواجز

وهنا لابد لنا ان تقف كل اخت وتحاسب نفسها
كم لك من وقت تتعلمين وتواظبين على حضور دروس العلم
هل وجدت اثر تلك الدروس والقرآن الذي حفظتِ وغيره من العلم
هل وجدت أثره وقت الفتنة والمحنة التي نمر بها
وأخص بالذكر أخواتي اللاتي درسن معي حلية طالب العلم
او مع غيرى
الان دور التطبيق
كم اكدنا على ان هذه الآداب ليس حكراً على طالب العلم انما هى آداب وأخلاق لكل مسلم
أما وجدت أنك الآن في حاجة لتدارك نيتك وتحريها عند كل عمل
أما احتجنا بالفعل الخشية والمراقبة في العمل لاسيما فى هذه الاوقات
اما كان ملحا ان نعمل بما تعلمناه في الحلية أن نتجنب مواطن ومجالس اللغو  وان نتحلى بالمروءة
نعم نعم هي أخلاق لا يصح باى حال أن يتخطاها المسلم وألا يلتزمها في الشدة قبل الرخاء
لكنى وجدتني مهتزة خائفة فى المحنة أوثر نفسي و و و و..فى الفتنة هذا لأن قلبي لم يصل لحال الثبات واليقين وهو ما ندعو إليه


أن لابد ولابد أن ارقب قلبي بل أقيده وأحاول جاهدة أن أطوعه فلا يفعل إلا ما يرضى الله
لا اتبعه بل أقوده أنا واتبعه إلى حيث رضوان الله تعالى

و قدرنا أن نحيا في زمان الفتن وهو ما حذرنا منه وأشار إليه رسولنا صلوات ربى وسلامه عليه فى أحاديث كثيرة نسوق منها الآتي :

يقول صلى الله عليه وسلم

إنها ستكون فتن . ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها. والماشي فيها خير من الساعي إليها . ألا ، فإذا نزلت أو وقعت ، فمن كان له إبل فليلحق بإبله . ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه . ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه . قال فقال رجل : يا رسول الله ! أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض ؟ قال : يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر . ثم لينج إن استطاع النجاء . اللهم ! هل بلغت ؟ اللهم ! هل بلغت ؟ اللهم ! هل بلغت ؟ قال فقال رجل : يا رسول الله ! أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين ، أو إحدى الفئتين ، فضربني رجل بسيفه ، أو يجئ سهم فيقتلني ؟ قال : يبوء بإثمه وإثمك . ويكون من أصحاب النار
الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2887
خلاصة حكم المحدث: صحيح


الشاهد فيه : إنها ستكون فتن . ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها. والماشي فيها خير من الساعي إليها


وهذا حديث آخر


يكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ، ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الذهبي - المصدر: سير أعلام النبلاء - الصفحة أو الرقم: 8/138
خلاصة حكم المحدث: حسن


يالله  فتن تؤدى للكفر والعياذ بالله
كم رأينا أناس باعوا دينهم بعرض الدنيا
فالحمد لله الذي عافانا

يقول صلى الله عليه وسلم


ستكون فتن يصبح الرجل فيها مؤمنا، و يمسي كافرا، إلا من أحياه الله بالعلم
الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 4677
خلاصة حكم المحدث: حسن

الشاهد فيه : إلا من أحياه الله بالعلم


نعم فالفتنة ظلمة والعلم نور ولا يزيل الظلمة إلا النور

فأي علم هذا

هو علم الدين علم الشرع العلم الذي يرسم لنا الطريق
يعرفنا الحلال من الحرام
يعلمنا ما العمل في الفتنة
يعلمنا أن كيف أتحرى نيتي عند العمل
نعم العلم
في هذه الظروف وجدنا أبناءنا وإخواننا قد هبوا لحفظ الأنفس والأموال سهروا الليل حراس وحماة
فكيف بنيتهم هل كانت نيتهم أنهم يرابطون وأن عيونهم باتت تحرث لله
 أم أنها كانت محض رجولة وشهامة وفقط
اختلفت النوايا وتبعها الأجر
نحن... هل امسكنا هواتفنا نطمأن على بعضنا البعض رياءا وسباقا لمن الأفضل الذي يسأل أولا فهو أكرم وهو الأسبق
أم أنها تواد وتراحم
نوايانا نوايانا ....لا نغفل أبدا عنها في الشدة قبل الرخاء 



لذلك نادينا وناشدنا أن لا تتركوا العلم أن لا تتركوا الذكر
تمسكوا بحبل الله المتين
العلم الموصل للخير
الحافظ بإذن الله من الفتن والوقوع فيها

يقول صلى الله عليه وسلم


ليغشين أمتي من بعدي فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، و يمسي كافرا، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا قليل
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 7712
خلاصة حكم المحدث: صحيح



إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم وينذرهم ما يعلمه شرا لهم وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها وإن آخرهم يصيبهم بلاء وأمور ينكرونها ثم تجيء فتن يرقق بعضها بعضا فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف ثم تجيء فتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف فمن سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه موتته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يمينه وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3210
خلاصة حكم المحدث: صحيح

يا الله ... الشاهد هنا الذي أريده من الحديث

فمن سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه موتته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر

نعم ننتبه على أي شيء نحيا وكيف نموت


لننظر لهذا الحديث عن نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية ، على إثر سماء كانت من الليلة ، فلما انصرف ، أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم . قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : أصبح من عبادي مؤمن وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب ، وأما من قال : بنوء كذا وكذا ، فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب .
الراوي: زيد بن خالد الجهني المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 846
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


يا الله

نعم من ظن ان حدثا يمر فى الدنيا ظن للحظة انه بسبب شىء سوى الله فقد كفر

سبحان الله مدبر الامر مالك الملك والملكوت
أنت ترى عبادك وستفصل بينهم يا رب فيما كانوا فيه يختلفون

بيد الله تعالى الأمر يقضيه وينهيه على خير فلنتوجه إليه بالدعاء بالرجاء
فلنقبل بالعمل الصالح لعلنا نموت في هذه الأيام فتكون نهايتنا مشرقة





كل ما سبق أحاديث عن خير خلق الله صلى الله عليه وسلم تحذر من الفتن وترشد إلى انه كيف العمل فيها
كيف النجاة منها
كيف أخلُص وأتخلص من شرورها


قبل أن نستعرض ما الواجب أن أكون عليه في زمن الفتن
 لننظر لكتاب الله وما اخبرنا عز وجل فيه عن الفتن



يقول تعالى : "وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة217

لننظر ...

وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ

اى لابد ان ننتبه على اى شىء نحيا حتى ان متنا نموت على الايمان وما يرضى الله


يقول تعالى :

{لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }التوبة47

نعم فاعداء الدين واعداء المسلمين كثر فاللهم اعنا على انفسنا وعلى المواجهة


ويقول جل وعلا

{لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ }التوبة48



هذه الأمور وهذا الذكر وهذه الآيات  لا تخص السابقين فقط فكلام الله لكل زمان ومكان ولكل البشر

 ثم لننظر لموعود الله تعالى لمن صبر وتجنب الفتن وثبت على الحق وتيقن في قدر الله وقدرته


{وَيَقُولُونَ مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }يونس48

هذا السؤال تلاحقه الإجابة فورا



{ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ }الأنبياء9


{وَيَقُولُونَ مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }يونس48

عاد الاستفسار وما لبثت أن تبعته الإجابة

{أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }يونس55


يا الله

ابدا لا نغفل ولا نظن ان الله تعالى غائب عن الاحداث
الله تعالى مطلع ويعلم انها حادثة وتلك ارداته وله حكمة وهو القادر على اقالة العثرة وحفظ البلاد والعباد


فما المطلوب في الفتن كيف يتوجب على المسلم أن يكون وقت الفتن والمحن

يقول تعالى


{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً }النساء122

الإيمان اليقين بقدرة الله التسليم لأمر الله

ثم انظرى للوعد العظيم لمن ثبت واستقام ولم يَدَع سبيل الحق وطريق الله


{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55


مرة أخرى ما المطلوب وقت الفتن

يقول تعالى


{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ }غافر55

ويقول

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }فصلت30



نعم هذا حقا وصدقا لله الحمد

هذا شرعنا وهذه الآيات يدعونا فيها المولى عز وجل إلى ا لثبات والتثبت وعدم ترك سبيل المؤمنين
بل التزام الإيمان والعمل الصالح

على اى شيء وكيف يمر وقتي وأين يكون قلبي وقت الفتنة والمحنة ؟؟


أولا أين أوقاتنا حال الفتن في اى شيء نقضى الوقت
لننظر لقيمة الوقت في كلام السلف الطيب الصالح

قال الحسن البصري – رحمه الله – :
أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشدّ منكم على دراهمكم ودنانيركم !

وهذا أحد علماء السلف ، يحضر مجلس شيخه ، والشيخ يُملي وهو يكتب الحديث فانكسر قلمُه ، فأمر أن يُنادى : قلمٌ بدينار ! فتطايرت إليه الأقلام .


وما ذلك إلا لحرصه على وقته وخشية أن يضيع منه شيء .
فالوقت عندهم أثمن من كل شيء .
الوقت عندهم أثمن من الدينار والدّرهم
.

بل من شُحِّهم بأوقاتهم وحرصهم عليها كان بعضهم يجعل بريَ الأقلام في أوقات مجالسة مَنْ يزوره .

يتبع إن شاء الله
بالجزء الثاني
^
^
^