الثلاثاء، ديسمبر 07، 2010

دورة وصايا وآداب..حلقة ثانية.أهمية الأدب فى حياة طالب العلم ..الأدب الواجب فى نفسه

أهمية الأدب في حياة طالب العلم
*************************


أهمية الأدب
للأدب منزلة عالية في الإسلام وليس أدل على ذلك من أن الله جعل لأغلب العادات آداب يستحب للمرء أن يمتثلها!
انظري آداب النوم الأكل وزيارة المسلم والصحبة والعشرة الزوجية!!
ومما وضع له الإسلام آدابا طلب العلم, وقد كان من أهداف سورة الكهف السامية تعليم أدب طلب العلم في قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام,كل كلمة فيها درس من الدروس لمن طالعها وتدبرها!
 ولذا كانوا يقولون الأدب قبل الطلب ،ويقصد بذلك طهارة النفس عن رذائل الأخلاق ومذموم الصفات مثل الكبر والحسد والكذب والجبن والخيانة والبخل, لأن أدب النفس قبل أدب الدرس!!
يقول الرسول الكريم صلوات ربى وسلامه عليه

إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
الراوي: - المحدث: الزر قاني - المصدر: مختصر المقاصد - لصفحة أو الرقم: 184
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وعنه أيضا



حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا يعقوب يعني الإسكندراني عن عمرو عن المطلب عن عائشة رحمها الله قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم

قال الشيخ الألباني : صحيح



قال يوسف بن الحسين : بالأدب تفهم العلم.


وقال مالك لفتىً من قريش: يا ابن أخي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم.

وقال زكريا العنبري: علم بلا أدب كنار بلا حطب وأدب بلا علم كروح بلا جسم.

وقال الليث بن سعد لأهل الحديث : أنتم إلى يسير من الأدب أحوج منكم إلى كثير من العلم.
وهذا إنما يؤخذ بالقدوة ..
كان يحضر في مجلس الإمام أحمد خمسة آلاف مستمع خمسمائة يكتبون والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسمت!
قال أبو بكر المطوعي : اختلفت إلى أبي عبد الله - يعني الإمام أحمد - ثنتي عشرة سنة ،وهو يقرأ المسند على أولاده فما كتبت عنه حديثاً واحداً ، إنما كنت أنظر إلى هديه وأخلاقه.

 
قال الضحاك بن مزاحم: أدركتهم وما يتعلمون إلا الورع!
وقال ابن سيرين: كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم.
وكانت أم مالك تقول: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه.
وقال ابن وهب: ما نقلنا من أدب مالك أكثر مما تعلمنا من علمه.
وقال مهنا: صحبت أحمد بن حنبل فتعلمت منه العلم والأدب.

إن كل عمل يخلو من أدب فهو مردود على صاحبه ، والله تعالى لا يقبل من العبادة ( كما اتفقنا أن العلم عبادة ) إلا ما صفى منها من الشوائب وفاحت منه رائحة الأدب والصلاح .
قال تعالى : ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (9)

فاستعمال الأدب في العبادة ( ومنها طلب العلم )  يورث العبد قرباً من الله تعالى ،
فالتمس العلم وأجمل في الطلب ** والعلم لا يحسن إلا بالأدب
والأدب النافع حسن السمت ** وفي كثير القول بعض المقت
فكن لحسن الصمت ما حييتا ** تعارف تحمد ما بقيتــا
.
**********************************


وقد تحدث الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في مقدمة كتاب حلية طالب العلم فقال

لقد تواردت موجبات الشرع على أن التحلي بمحاسن الأدب، ومكارم الأخلاق، والهدى الحسن، والسمت الصالح: سمة أهل الإسلام.  ، وأن العلم - وهو أثمن درة في تاج الشرع المطهر - لا يصل إليه إلا المتحلي بآدابه، المتخلي عن آفاته

ولهذا عناها العلماء بالبحث والتنبيه، وأفردوها بالتأليف، إما على وجه العموم لكافة العلوم، أو على وجه الخصوص، كآداب حملة القرآن الكريم، وآداب المحدث، وآداب المفتي، وآداب القاضي، وآداب المحتسب، وهكذا...

والشأن هنا في الآداب العامة لمن يسلك طريق التعلم الشرعي.
وقد كان العلماء السابقون يلقنون الطلاب في حلق العلم آداب الطلب،
وأدركت خبر آخر العقد في ذلك في بعض حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف، إذ كان بعض المدرسين فيه، يدرس طلابه كتاب الزرنوجي (م سنة 593 هـ) رحمه الله تعالى، المسمى: " تعليم المتعلم طريق التعلم"[1].


فعسى أن يصل أهل العلم هذا الحبل الوثيق الهادي لأقوم طريق،

فيدرج تدريس هذه المادة في فواتح دروس المساجد،
وفي مواد الدراسة النظامية،
وأرجو أن يكون هذا التقييد فاتحة خير في التنبيه على إحياء هذه المادة التي تهذب الطالب
، وتسلك به الجادة في آداب الطلب وحمل العلم،
وأدبه مع نفسه ومع مدرسه، ودرسه، وزميله وكتابه، وثمرة علمه
وهكذا في مراحل حياته.


انتهى كلام الشيخ

وما كان ذلك إلا للأهمية القصوى للأدب الذي لابد أن يتحلى به كل متعلم

يذكر الشيخ أن


مجموعة آداب،
نواقضها مجموعة آفات،
فإذا فات أدب منها، اقترف المفرط آفة من آفاته،
فمقل ومستكثر،

انتهى كلام الشيخ وهو يعنى أنه

كلما فات أدب من الطالب فقد كسب مقابله آفة وان حصَّل أدبا فقد تخلص من آفة  فلينتبه  فكلما حصل خيرا انحسر ما يقابله من الآفات على هذا يقول فمقل ومستكثر فليجتهد طالب العلم في تحصيل الآداب اللازمة النافعة التي تتوِجُه وتزينه فيكون أهلا لحمل أمانة العلم التي كما قال الشيخ رحمه الله لا يَتَحَصَّل عليه إلا المتحلي بآدابه .

********************************



ولكي نختصر مجال الحديث
نلخص الآداب الواجب على طالب العلم أن يتحلى بها

وقد قسمها العلماء إلى :
ـ  آداب للطالب في نفسه
ـ وآداب مع شيخه
ـ وآداب مع رفقائه


نورد آدابا لطالب العلم لازمة في نفسه تعينه على أن ينتفع ويُحصِّل العلم النافع

أولها وأهمها على الإطلاق

الأدب الأول
&&&&&&&&


ـ معرفته أن العلم عبادة وان اى عبادة تفتقر إلى الإخلاص كي تكون نافعة ومقبولة بإذن الله تعالى


العلم عبادة،... قال بعض العلماء : ”العلم صلاة السر، وعبادة القلب”( حلية طالب العلم ). و كما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر من الحدث و الخبث فكذلك لا يصح العلم الذي هو عبادة القلب إلا بطهارته قال سهل: حرام على قلب أن يدخله النور و فيه شئ مما يكره الله عز و جل


}وعليه، فإن شرط العبادة إخلاص النية لله سبحانه وتعالى، لقوله:
(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) الآية.

وفي الحديث الفرد المشهور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما الأعمال بالنيات ) الحديث.

فإن فقد العلم إخلاص النية، انتقل من أفضل الطاعات إلى أحط المخالفات، ( حلية طالب العلم ..الفصل الأول )


عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تعلم علما يبتغى به - يعني به وجه الله - لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة - يعني ريحها . صحيح

ويقول ايضا صلوات ربى وسلامه عليه

من طلب العلم ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار الراوي: عبد الله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 207
خلاصة الدرجة: حسن




ولا شئ يحطم العلم مثل: الرياء ومثل التسميع؛ بأن يقول مسمعاً: علمت وحفظت...(حلية طالب العلم )


يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيقال : أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ قال : كنت آمركم بالمعروف ولا أفعله وأنهاكم عن المنكر وآتيه .

و عالم بعلمه لم يعملن *** معذب من قبل عباد الوثن


وعليه؛ فالتزم التخلص من كل ما يشوب نيتك في صدق الطلب؛ كحب الظهور، والتفوق على الأقران، وجعله سلماً لأغراض وأعراض، من جاه، أو مال، أو تعظيم، أو سمعة، أو طلب محمدة، أو صرف وجوه الناس إليك، فإن هذه وأمثالها إذا شابت النية، أفسدتها، وذهبت بركة العلم، ولهذا يتعين عليك أن تحمى نيتك من شوب الإرادة لغير الله تعالى، ( حلية طالب العلم ..الفصل الاول )

فانتبهن.. حفظنا الله من ان نخلط العمل بالرياء فيترك بالكلية فانه تعالى يقول

قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي تركته و شركه الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4313
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وقال صلى الله عليه وسلم


ويقول صلى الله عليه وسلم :

من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة الراوي: زيد بن ثابت المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3329
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وعلى هذا فإننا نقول

بم يكون الإخلاص في طلب العلم ؟
نقول الإخلاص في طلب العلم يكون في أمور :
الأمر الأول : أن تنوي بذلك امتثال أمر الله لأن الله تعالى أمر بذلك قال: ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) وحث سبحانه وتعالى على العلم والحث على الشيء يسلتزم محبته والرضا به والأمر به .ومن ثَم التنفيذ.


ثانيًا : أن تنوي بذلك حفظ شريعة الله لأن حفظ شريعة الله يكون بالتعلم والحفظ بالصدور ويكون كذلك بالكتابة كتابة الكتب

.
والثالث: أن تنوي بذلك حماية الشريعة والدفاع عنها لأنه لولا العلماء ما حميت الشريعة ولا دافع عنها أحد ولهذا نجد أهل العلم الذين تصدَّوا لأهل البدع وبيَّنوا بطلان بدعهم نرى أنهم حصلوا على خير كثير .

.
والرابع: أن تنوي بذلك اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنك لا يمكن أن تتبع شريعته حتى تعلم هذه الشريعة .

هذه أمور أربعة كلها يتضمنها قولنا أنه يجب الإخلاص لله في طلب العلم

*****************************


ننتقل الى الادب الثانى
&&&&&&&&&&&&&

ـ مداومة النظر.. ويقصد بها دوام مطالعة العلم والانشغال به والبحث فيه
وقد كان عمل النبى صلى الله عليه وسلم ديمةً,أى مداوما عليه.
قلت لعائشة رضي الله عنها : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختص من الأيام شيئا ؟ . قالت : لا ، كان عمله ديمة ، ....الحديث  .


الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 1987
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


وقد نعى الله عز وجل الذى يعطى قليلا ثم ينقطع
قال تعالى:" أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى" النجم.
بل يداوم ولو على القليل خير من الانقطاع,فقليل دائم خير من كثير منقطع
ولو لم يكن من المداومة على العمل الا أنه يجرى عليه أجره إن مرض أو سافر ولم يعمله,فهذا من بركة المداومة على العمل.


أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك ، فدنا من المدينة ، فقال : ( إن بالمدينة أقواما ، ما سرتم مسيرا ، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ) . قالوا : يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟ قال : ( وهم بالمدينة ، حبسهم العذر ) .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 4423
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


وقليل مع المداومة يكيل الكريم لصاحبه ما لا يظن من الأجر فما بالك بالكثير؟!
انظر الى بلال يُسمع خشخشة قدمه فى الجنة بركعتين يداوم عليهما بعد الوضوء!
ولقد كان السلف دائمى المطالعة والمذاكرة لكتبهم, سئل الإمام البخاري عن داء النسيان فقال: مداومة النظر .
اى ان علاج النسيان دوام النظر فى العلم لئلا يُنسى
كما ان مدوامة الحفظ للقرآن معاهدته ودوام النظر فى المصحف
****************************


الادب الثالث
&&&&&&&&&&&

الصبر والمصابرة

.
قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ
عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)الكهف-28

فالصبر الصبر!!
فطريق العلم ليس مفروشا بالورود والرياحين بل إنه يحتاج إلى صبر ويقين وعزيمة لا تلين ، فالطريق طويل، والنفس داعية إلى الملل، والسآمة، والدعة، والراحة، فإذا طاوع طالب العلم نفسه قادته إلى الحسرة والندامة.
يقول الشاعر:
وما النفس إلا حيث يجعلهــا الفتى __ فإن أطمعت تـاقت وإلا تسلتِ
ويقول شاعر آخر:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على __ حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
ومن أعظم ميادين الصبر : الصبر في طلب العلم : فلا سبيل إلى طلب العلم إلا بالصبر ، ، وهو زاد لا يستغني عنه ، وخلق كريم لا بد وأن يتحلى به ، صبره على مشقة الترحال إلى الشيوخ، وطول المكث عندهم، والتأدب معهم، وصبره على المذاكرة والتحصيل،


ـ قال صلى الله عليه وسلم

ما كسب الرجل كسبا أطيب من عمل يده وما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه فهو صدقة


الراوي: المقدام بن معد يكرب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1752
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وعلى هذا على طالب العلم أن يحيا بالعفاف
وان يتعفف عما في أيدي الناس ولا يسال أحدا
وعليه بالدعاء إلى الله والبذل فيرزقه الله تعالى ويغنه
وهذا من الصبر والتخفف من اعباء الحياة والصبر
ضيق العيش من اجل نيل العلم




ـ ثلاث من لم تكن فيه واحدة منهن كان الكلب خيرا منه ورع يحجزه عن محارم الله أو حلم يرد به جهل الجاهل أو حسن خلق يعش به في الناس


الراوي: الحسن المحدث: محمد بن محمد الغزي - المصدر: إتقان ما يحسن - الصفحة أو الرقم: 2/497
خلاصة حكم المحدث: مرسل

على طالب العلم ان يتحلى بالحلم  والذى يتمثل فى صبره الجميل على طلب العلم وتحمل مشقات الطلب

تحمل شدة المعلم ان كان غليظا فى تعامله
كأن يتجاهل الطالب او يغلظ عليه فى القول

وهذه نماذج نجدها من حولنا
اما هى طبع وسجية فى المعلم ,الغلظة فى معاملة الاخرين
واما يفعلها  يعضد طالبه ويشد من ازره ويعوده التحمل عند الطلب

وكثيرا ما سمعنا عن معلم فعل ذلك مع طالبه وعند الاجازة كافئه بمثل ما تحمل واعلمه انه كان يقصد هذا الاسلوب كى يشحذ طالبه ويعينه على نفسه فيصفيها من كدرها ويُخلى بين طالب العلم ونفسه حفاظا لها من أن تقوده
فان تبعها وترك العلم لاجلها خاب وخسر

وان قاوم وتمسك وجاهد نفسه ولزم باب معلمه
كسب العلم والحلم والتفوق

قال بعض العلماء : من لم يتحمل ذلَ التعلمِ ساعةً , بقي في ذل الجهل أبداً



فتأمل يا طالب العلم في هذه الآداب واحرص عليها .. وتحمل ذل التعلم لتنال عزة العلم ..


ذوو العلم بين العالمين أعزة
على درجات المصطفين أدلة
وفي ملكوت الله للقوم شهرة
ومن لا له من عزة العلم نسبة
فليس له إلا إلى الذلة انتما
ترق به فالعلم عز وذروة
وحبل متين للتقاة وعروة
*************************


الادب الرابع
&&&&&&&&&&&&
خفض الجناح
فكيف يخفض طالب العلم جناحه بما حاز من علم ؟؟

لا شك أن العلم الذي يتمتع به الإنسان إنما هو ـ كسائر المواهب والقدرات ـ نعمة تكرّم الله تعالى بها عليه؛
وهو مصدر قوة
فكما ان الجناحين للطائر هما مصدر قوته وطوق نجاته فان كل نعمة او منحة من الله هى مصدر قوة
فحوز المال قوة فهو جناح والجاه جناح قوة للمرء
وكذلك العلم ونيل العلم جناح قوة للمرء لذا يجدر بالإنسان أن يحسن التصرف بهذه النعمة كما في غيرها، فيُنزل جناح علمه ويخفضه، شريطة أن يكون ذلك في رضا الله تعالى.





بالسيطرة عليه وخفضه عند مواضع رضاه تعالى اسمه؛ فلا يتكبر بعلمه على الناس،
ولا يتعالى بما حظى
وليتذكر
ان

قال صلى الله عليه وسلم

من تعلم العلم ليباهي به العلماء ويجاري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله جهنم

الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 211
خلاصة حكم المحدث: حسن

************************


الادب الخامس
&&&&&&&&&&

ـ وإياكِ والخيلاء، فإنه نفاق وكبرياء، وقد بلغ من شدة التوقي منه عند السلف مبلغاً. ( حلية طالب العلم )

يقول المولى عز وجل :( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )


وَقَوْله " وَلا تَمْشِ فِي الأَرْض مَرَحًا" .
أَيْ خُيَلاء مُتَكَبِّرًا جَبَّارًا عَنِيدًا لَا تَفْعَل ذَلِكَ يُبْغِضك اللَّه وَلِهَذَا قال" إِنَّ اللَّه لا يُحِبّ كُلّ مُخْتَال فَخُور "أَيْ مُخْتَال مُعْجَب فِي نَفْسه فَخُور أَيْ عَلَى غَيْره

كل ذلك هيئات للجسد كما قلنا هى من نتاج العجب والكبر
فكيف يكون ذلك فى طالب العلم ومن اين يُتحصل

ربما اعجب بفهمه
او بكثرة  مشايخه او بكثرة تحصيله
او بروعة كلامه وتنسيق عباراته
وهى منحة من الله وهبه

فيحيله العجب الى الخيلاء
وربما ظهر ذلك من خلال التعالى على الاقران
وشعوره ان لا احد يقارب فهمه
لا احد يعبر مثله او ربما كانت له حلقة فكثر اقبال الناس عليها فاورثه ذلك العجب

ـ كيف يحقق طالب العلم خفض الجناح و نبذ الخيلاء والكبر فى نفسه ؟
قد نوضح ذلك فى نقاط  ان لزمها الطالب وقى نفسه وحفظها

ـ عدم التطاول على المعلم فان ذلك كبرياء،

ـ وعدم الاستنكاف عمن يفيدك ممن هو دونك  (سواء سنا او مكانة او حتى علما" على اعتبار من يعلم اى معلومة تصله من باب تنفيذ امر النبى فيما قال بلغوا عنى ولو ايه " ) ايضا لانه من الكبرياء،


ـ  وتقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر، وعنوان حرمان.

فقد قال تعالى " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3].

فكيف تتعلم وتعلم وتُعلم غيرك العلم
ثم تقصر عن العمل به
وكما قلنا من قبل
هتف العلم بالعمل فان أجابه وإلا ارتحل

قال عبد الرحمن بن مهدي : ما بلغني عن رسول الله حديث قط إلا عملت به ولو مرة .
وقال مالك بن دينار: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه تزل موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا.
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا فعلت ذا فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويقتدي بالعلم منك وينفع التعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
وقد قال محمد بن علي الأصبهاني في قصيدته :
اعمل بعلمك تغنم أيها الرجل ** لا ينفع العلم إن لم يحسن العمل
وعليه فالإخلاص ثم الصبر والتواضع والحلم وخفض الجناح
ثم العمل بالعلم
آدابا واجبة لابد لطالب العلم أن يتحلى بها في نفسه
وإلا فقد فاته خير عميم وأدب عظيم وكما اشرنا أن كل أدب فات فقد اكتسب مقابله آفة
فعليه أن ينتبه ويخلص نفسه من علائقها وعوائها التي قد تعوقها في المسير عند الطلب

ولننتبه اخواتى الى انه دورة الاداب ليست دورة نظرية
كلمات تُلقى واسئلة توضع ويُجاب عليها
انما هى كلمات نطقت بها وسمعتها اخواتى او حتى قرأتها اخرى
فكلنا مسئولات يوم القيامة عما علمنا
مسئولة عمل نطقت
والاخوات مسئولات عما سمعن
واخريات مسئولات عما قرأن

فاخواتى اذكر نفسى وإياكن بالعمل بما علمنا

ولا اتت تلك الكلمات حجة علينا يوم القيامة

تلك الاداب لا تخص طالب العلم وحده
فهل من مسلم يمكن ان يحيا بدون ان يخلص عمله لله
وهل يمكن ان يعيش بدون صبر على امر الله
صبر على طاعة او صبر على قدر
هل يمكن ان تخلو حياة المسلم من حلم وتواضع ثم عمل بما تعلم

كل منا
اخت , ام , زوجة , زميلة عمل , جارة , عمة وخالة , ....
نماذج كثيرة فى الحياة وكل من هؤلاء
لا يمكن ان يحيا احد منهم بدون تلك الاخلاق
فمن خلا عمله من الاخلاص فهو مردود والعياذ بالله
ومن لم يتواضع لله اهانه ووضع قدره وحطه
ومن لم يعيش بالصبر نال ذم الله تعالى له

فهذا يعنى ان هذه الاداب ليست فقط خاصة بطالب العلم انما هى اداب عامة لكل امرىء يحيا ويريد ان يعبد الله عبادة طيبة يحدها ويحيط بها الاداب الخاصة بكل عبادة
كما تعلمنا من هدى نبينا المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه
فللطعام اداب وللنوم اداب وللصلاة اداب وللحج اداب وللحديث اداب
لا يخلو عمل من ادب ولا عبادة من ادب

وعليه متى تحصل المرء على تلك الاداب فى نفسه كفرد مسلم
اصبحت طبعا وسجية وكان طالبا للعلم متمتعا بآدابه فكانت له خير معين على الفهم والتحصيل
كما قال يوسف بن الحسين : بالأدب تفهم العلم

اللهم نسال ان يعلمنا ويفهمنا ويتقبل منا


وان شاء الله في المحاضرة القادمة نورد آدابه مع معلمه ورفقائه


والحمد لله فى الاولى والاخرة
فما كان من صواب وتوفيق فمن الله الواحد الأحد العليم
وما كان من خطأ أو نسيان أو تقصير فمن نفسي فاستغفر ربى عليه وأتوب إليه
واسأله تعالى أن يرزقنا الإخلاص وألا يحرمنا القبول




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق