الثلاثاء، ديسمبر 07، 2010

دورة وصايا وآداب ..الحلقة الثالثة..أدب طالب العلم مع شيوخه ورفقته

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين حمدا طيبا كثيرا مباركاً فيه
حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه

والصلاة والسلام على سيدنا محمد الهادي الأمين وعلى آله وأصحابه وأزاوجه أمهات المؤمنين الأطهار صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين .


بسم الله نبدأ  إن شاء الله ونكمل الآداب الواجبة في حق طالب العلم
وبعد أن ذكرنا آداباً لازمة في نفسه تعينه على التحصيل ونيل ميثاق الشرف وميراث النبوة

نكمل الآداب الواجبة لطالب العلم في حق معلمه ثم رفقته

أولا آداب طالب العلم مع معلمه (شيوخه )
*************************

الأدب مع العلماء خلق هام جدا يجب على طالب العلم

وحقوقهم إجمالاً: حبهم ،
وتوقيرهم
والأخذ عنهم
والدعاء لهم
والذب عنهم
والأدب معهم في التعلم والسؤال والقراءة في سيرهم.

وبما أن العلم لا يؤخذ ابتداء من الكتب بل لا بد من شيخ تتقن عليه مفاتيح الطلب، لتأمن من العثار والزلل، فعليك إذاً بالتحلي برعاية حرمته، فإن ذلك عنوان النجاح والفلاح والتحصيل والتوفيق، فليكن شيخك محل إجلال منك وإكرام وتقدير وتلطف، فخذ بمجامع الآداب مع شيخك في جلوسك معه، والتحدث إليه، وحسن السؤال والاستماع، وحسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه ومع الكتاب، وترك التطاول والمماراة أمامه، وعدم التقدم عليه بكلام أو مسير أو إكثار الكلام عنده، أو مداخلته في حديثه ودرسه بكلام منك، أو الإلحاح عليه في جواب، متجنباً الإكثار من السؤال، ولا سيما مع شهود الملأ، فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل.
ولا تناديه باسمه مجرداً، أو مع لقبه كقولك: يا شيخ فلان! بل قل: يا شيخي! أو يا شيخنا! فلا تسمه، فإنه أرفع في الأدب، ولا تخاطبه بتاء الخطاب، أو تناديه من بعد من غير اضطرار.
وانظر ما ذكره الله تعالى من الدلالة على الأدب مع معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً 000) الآية.
وكما لا يليق أن تقول لوالدك ذي الأبوة الطينية: ”يا فلان” أو: ”يا والدي فلان” فلا يجمل بك مع شيخك.
والتزم توقير المجلس، وإظهار السرور من الدرس والإفادة به.
وإذا بدا لك خطأ من الشيخ، أو وهم فلا يسقطه ذلك من عينك، فإنه سبب لحرمانك من علمه، ومن ذا الذي ينجو من الخطأ سالماً؟ واحذر أن تمارس معه ما يضجره، ومنه ما يسميه المولدون: ”حرب الأعصاب”[1]، بمعنى: امتحان الشيخ على القدرة العلمية والتحمل.
وإذا بدا لك الانتقال إلى شيخ آخر، فاستأذنه بذلك؛ فإنه أدعى لحرمته، وأملك لقلبه في محبتك والعطف عليك 000
إلى آخر جملة من الأدب يعرفها بالطبع كل موفق مبارك وفاء لحق شيخه
واعلم أنه بقدر رعاية حرمته يكون النجاح والفلاح، وبقدر الفوت يكون من علامات الإخفاق.(حلية طالب العلم الفصل الثالث

هذا الأدب مع الشيخ أو المعلم إجمالا

يمكن أن نفصله كالتالي

من الأدب مع الأستاذ في مجلس العلم :

1- الصمت الكثير وترك ما لا داعي إليه من الكلام والحديث

قال أحمد بن سفيان : كان عبد الرحمن بن مهدي لا يتحدث أحد في مجلسه ، ولا يبرى قلم ، ولا يقوم أحد ، كأنما على رؤوسهم الطير ، فإذا رأى أحدا منهم تحدث لبس نعله وخرج.

والصمت الكثير يتيح الانصات إذ لا انصات مع تحدث
اما ان اتحدث واما ان انصت
فلعل عدم التكلم والصمت الكثير مدعاة للتركيز وحسن التلقى
وكذلك هو من الادب الواضح للمعلم فى حضرة مجلسه
ومما يعين المعلم على العطاء إذ انه فى كثرة كلام الطلاب وخاصة فيما لا فائدة منه مضيعة للوقت


2- الاستماع والإنصات


إن حسن التلقي يعتمد في المقام الأول على حسن الاستماع والإنصات، وقد أمر الله - سبحانه - في كتابه بالاستماع غير مرة في سبيل بيان أهمية هذه الخطوة، فقال - سبحانه -: "وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا" (المائدة: من الآية108)، وقال: "وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا" (التغابن: من الآية16).
وقد علم القرآن العظيم ذلك كأدب شريف من آداب تلقي الرسالة القرآنية فأمر بالاستماع له والإنصات "وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (الأعراف: 204)، كما زجر كل نافرٍ عن الاستماع، لاهٍ عن الإنصات للنصح والإرشاد، قال - سبحانه -: "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا" (الحج: من الآية46).. بل لقد بشر الله عباده الصالحين الذين يحسنون الاستماع والعمل بما سمعوا، فقال - سبحانه -: "فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ" (الزمر: 17، 18).
وهذا الهدى القرآنى انما ليكون ادبا فى عموم امر التلقى
فمتى ما تمتع الطالب بالانصات وحسن الاستماع كانت الثمار المرجوة من الدرس
لان الانصات يعنى ويؤدى الى التركيز وهو ما يجلو الفهم ويزيد التدبر والتفقه بالمراد من الدرس
فيخرج الطالب بثمرة درسه النافعة المرجوة

وايضا على المعلم ان ينتبه لامور من الاهمية بمكان
عند تبليغ العلم
وكما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم
ولوحظ فى بعض احاديثه تكرار كلمة ثلاث مرات
كما قال ألا وقول الزور ألا وقول الزور  الا وقول الزور
تكرار الكلمة يمنح السامع والمعلم توجيها نبويا عند التبليغ وهو تكرار المعلومة
اولا للتنبيه على اهميتها
ثانيا لعل وقت القاء المعلومة صادف وقت انشغال لقلب وذهن الطالب فلم يتلقاها وضاعت منه وراح النفع  ولعله ينتبه فى احدى مرات التكرار فيصيب الخير





3- التسليم وعدم المجادلة وترك المناقشة إلا لفائدة
ما دام الطالب قد تيقن من علم الشيخ ومكانته وتفوقه فانه يتوجب عليه أن يصِم نفسه هو لا شيخه ربما الخطأ من عنده  لقصور في الفهم أو التحصيل عن الشيخ فليُسَلِم إلى أن يفتح الله له بالفهم
 أو يجد مجالا يستوضح عن الامر من شيخه


4- عدم الإكثار من الأسئلة والأغلوطات

فإنه يضر أكثر مما ينفع
حيث يضر بالرفقة ويضيع وقت وجهد الشيخ
ولا يبعث في نفسه إلا الملل والسآمة من طالبه
فطالما ان الامر واضح والدرس جلى فليلزم طالب العلم السكون والانصات وعدم السؤال
 او ان ياتى بالمسائل المختلف فيها
 او التى تناقض مذهب الشيخ وكلنا يعلم ان لكل امام دليله وحجته فى الامر الشرعى الفرعى كما نعلم
فلا يتوجب على طالب العلم ان يذكر المسائل ويتشعب او ان يسأل عن امور مخالفة وليس من ورائها نفع ولا طائل
ربما ظن انه بهذا يتعلم او انه ينال حظوة عند الشيخ
 او انه الافضل بين اقرانه عافانا الله تعالى



5- طول الملازمة

فإنه يتحقق مع طول الملازمة اكتساب المحامد والاتصاف بهدى شيخه
كما تحدثنا آنفا عن تعلم هدى الشيخ وسمته وطرق صلاحه من متابعته وملازمته
وكما قلنا ان حسن الادب يؤخذ بالقدوة
ولابد لكل منا ان تتنبه جيدا لمعلمها او معلمتها
وستكتسب منها هديا بالتأكيد
اى سلوكا طيبا
لان معلم الناس الخير لابد ان يكون سلوكه على خير
فإما أن تنفحك بطيب خلقها وبحسن معاملتها
 او انك تكتسبى منها

كما قال صلى الله عليه وسلم

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مثل الجليس الصالح ..... كحامل المسك ... فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه رائحة طيبة،
نسأل الله ان ينفعنا بمعلمينا


- 6   يجب أن يعلم طالب العلم الجاد في التحصيل أن العلم لا يؤخذ إلا من أهل العلم العاملين.

قال ابن سيرين : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم
وقال إبراهيم النخعي: كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى هديه وسمته وصلاته ثم أخذوا عنه.
وقال ابن عون : لا تأخذوا العلم إلا ممن شهد له بالطلب.


ومن أهم ما يركز عليه عند الأخذ سلامة العقيدة قال تعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ }الأنعام


سيكون في آخر الزمان ناس من أمتي يحدثونكم بما لم تسمعوا به أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم


الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - لصفحة أو الرقم: 3667
خلاصة حكم المحدث: صحيح


لا يصحب البدعي إلا مثله ** تحت الدخان تأجج النيران

قال الإمام مالك رحمه الله :
"
لايؤخذ العلم عن أربعة
: سفيه معلن السفه . و صاحب هوى يدعوا إليه . و رجل معروف بالكذب في أحاديث الناس و إن كان لايكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم .و رجل له فضل و صلاح لا يعرف ما يحدث به ".
لان الكاذب فى حديث الناس وان لم يكذب على رسول الله
بتحرى الكذب على الناس لا يؤمن ان يقع فى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لان يزال الرجل يكذب حتى يُكتب عند الله كذابا
فان ظل يتحرى الكذب وقع فى الكذب والافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لذلك فدعه من البادية

وكذلك من عُرف بالصلاح والفضل
كالعابد فإن نفعه يعود على نفسه ولا يتعدى لغيره
فلا تأخذ عنه
لأنه ربما  كان قواما صواما متصدقا لكنه لا يدرى الحلال من الحرام فى امور الفقه
ولا يدرى اصول العقيدة السليمة
هو يعبد الله بعبادات تعلمها وعرفها ولم يتعد علمه اكثر من ذلك
فلا تاخذ عنه لقصور علمه



7 ـ ليحذر طالب العلم من ترك العلماء ، والاشتغال بالأخذ عن الكتب.

قال سليمان بن موسى : لا يؤخذ العلم من صحفي ، وقال الشافعي : من تفقه من بطون الكتب ضيع الأحكام ، وقالوا : من أعظم البلية تشييخ الصحيفة.

الأصل في الطلب أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتذة، ، والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف وبطون الكتب، والأول من باب أخذ النسيب عن النسيب الناطق، وهو المعلم أما الثاني عن الكتاب، فهو جماد، فأنى له اتصال النسب؟

وقد قيل:”من دخل في العلم وحده؛ خرج وحده" أي: من دخل في طلب العلم بلا شيخ؛ خرج منه بلا علم، إذ العلم صنعة، وكل صنعة تحتاج إلى صانع، فلا بد إذاً لتعلمها من معلمها الحاذق.


فمن دخل الى العلم وحده خرج منه وحده
المقصود بالمقولة أن من اقتحم ميدان العلم وحده دون الأخذ عن الأشياخ خرج وحده اي كما دخل من دون علم لان الأخذ عن الأشياخ يختصر الطريق للطالب و يرفع عنها العديد من العوائق ويعينه على الفهم ويفتح له ما أغلق عنه فهمه

ولا ريب أن الأخذ من الصحف يقع فيه خلل، ، فتتصحف الكلمة بما يحيل المعنى، ولا يقع مثل ذلك في الأخذ من أفواه الرجال،


من لم يشافه عالماً بأصوله  فيقينه في المشكلات ظنون
وكان أبو حيان كثيراً ما ينشد:
يظن الغمر أن الكتب تهدى    أخاً فهم لإدراك العلـــوم
وما يدرى الجهول بأن فيها      غوامض حيرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيخ       ضللت عن الصراط المستقيم
وتلتبس الأمور عليك حتى       تصير أضل من ”توما الحكيم”


 ـ وليحذر طالب العلم من

إثارة الشبه حول معلميه وشيوخه أو ذِكر الأخطاء؟
وإن فعل فنوجه له تلك الكلمة :
- عليكم إصلاح أنفسكم، فإن عندكم أخطاء أكثر وأكثر، فعليكم أن تصلحوا أنفسكم، وعليكم أن تستروا عورات إخوانكم، فمن ستر مسلما ستره الله، وأن تلتمسوا لهم الأعذار كما ورد عن بعض السلف أنه قال: إذا سمعت من أخيك كلمة فالتمس له عذرا . وقال: لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا، احملها على أحسن المحامل، عليك أن تذكر فضلهم، إذا كان لهم فضائل، ولا تكتم فضلهم وتبدي أخطاءهم وكأنهم ليس لهم فضل أبدا، وهذه عادة سيئة أن كثيرا من الناس يلتمس عثرات بعض العباد والعلماء ونحوهم، ويفشيها ويعلنها ويكتم فضائلهم وآثارهم وعلومهم النافعة، فيكون كما قال الشاعر:

ينسى من المعروف طودا شامخا ****** وليس ينسى ذرة ممن أساء

فكيف تنسى فضائلهم وآثارهم ولو كانت أمثال الجبال، ولا تنسى ذرة صدرت من أحدهم، يعني خطيئة، هذا لا شك أنه من الخطأ الكبير. ( كتاب العلم فضله وادابه ووسائله للشيخ ابن جبرين رحمه الله ..بتصرف )

عِظَمُ َخَطَرِ تَنَقُّصِ العُلََمَاء
******************

قالَ الإمامُ الحَافظُ أَبُو القَاسِم بنُ عَسَاكِر-رَحِمَهُ الله تعالى-: "اِعْلَمْ ياَأخِي وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيّاَكَ لِمَرْضَاتِهِ وَجَعَلَنَا مِمَّنْ يّخْشاَهُ وَيَتَّقِيهِ، أنَّ لُحُومَ العُلَمَاءِ مَسْمُومِة، وَعَادَةُ اللهِ فِي هَتْكِ أَسْتَار مُنْتَقِصِهِمْ مَعْلُومَة وَأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ لِسَانَهُ فِي العُلَمَاءِ بالثَّلْبِ بَلاََه ُاللهُ قبَْلَ مَوْتِهِ بِمَوْتِ القَلْبِ (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْيُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63] [المجموع، للنووي:1/589]
فتطاولك على معلمك كبرياء،
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ـ ( إن غيبة العلماء تُقلل من شأن العلم الذي في صدورهم ، والذي يعلمونه الناس ، فلا يَقبل الناس ما يأتون به من العلم ، وهذا ضرر على الدين ) .
ـ وقال : ( الكلام في أهل العلم جرح في العلماء وجرح فيما يحملونه من الشريعة، لأن الناس لن يثقوا بهم إذا كثر القول فيهم والخوض فيهم، ولهذا يجب عند كثرة الكلام وخوض الناس في أمر من الأمور أن يحرص الإنسان على كف لسانه، وعدم الكلام إلا فيما كانت مصلحته ظاهرة، حتى لو سئل فإنه يقول: نسأل الله الهداية: نسأل الله أن يهدي الجميع ) .
وقال – رحمه الله – تعليقًا على " باب : توقير العلماء والكبار وأهل الفضل .. " : ( يريد المؤلف رحمه الله بالعلماء : علماء الشريعة الذين هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن العلماء ورثة الأنبياء .. وإذا كان الأنبياء لهم حق التبجيل والتعظيم والتكريم ، فلمن ورثهم نصيب من ذلك ، أن يُبجل ويُعظم ويُكرم .. وبتوقير العلماء توقر الشريعة ؛ لأنهم حاملوها ، وبإهانة العلماء تهان الشريعة ؛ لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام أعين الناس ذلت الشريعة التي يحملونها ، ولم يبق لها قيمة عند الناس ، وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم ؛ فتضيع الشريعة . فإذا استهان الناس بالعلماء لقال كل واحد: أنا العالم، أنا ، أنا الفهامة، أنا العلامة، أنا ، ولمَا بقي عالمٌ، ولصار كل يتكلم بما شاء، ويفتي بما شاء، ولتمزقت الشريعة بسبب هذا الذي يحصل من بعض السفهاء )
لأنهم إذا قدحوا في العلماء وسقطت أقوالهم عند الناس ما بقي للناس أحدٌ يقودهم بكتاب الله. بل تقودهم الشياطين وحزب الشيطان ، ولذلك كانت غيبة العلماء أعظم بكثير من غيبة غير العلماء، لأن غيبة غير العلماء غيبة شخصية إن ضرَّت فإنها لا تضر إلا الذي اغتاب والذي قيلت فيه الغيبة، لكن غيبة العلماء تضرُّ الإسلام كلَّه ؛ لأن العلماء حملة لواء الإسلام فإذا سقطت الثقة بأقوالهم، سقط لواءُ الإسلام، وصار في هذا ضرر على الأمة الإسلامية. فإذا كانت لحوم الناس بالغيبة لحوم ميتة فإن لحوم العلماء لحوم ميتة مسمومة لما فيها من الضرر العظيم.
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة - كما يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - : ( أنهم يدينون الله باحترام العلماء الهداة ) ، أي أن أهل السنة والجماعة ، يتقربون إلى الله – تعالى – بتوقير العلماء ، وتعظيم حُرمتهم .

قال الحسن: ( كانوا يقولون : موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار ).

وقال الأوزاعي: ( الناس عندنا أهل العلم . ومن سواهم فلا شيء ).

وقال سفيان الثوري: ( لو أن فقيها على رأس جبل ؛ لكان هو الجماعة ).

وحول هذه المعاني يقول الشاعر :

الناس من جهة التـمــثال أكفـاء ****** أبوهمُ آدم والأم حواء
فإن يكن لهم في أصلهـم نسـب ****** يفاخرون به فالطين والــماء
ما الفضــل إلا لأهل العلـم إنهـمُ ****** على الهدى لم استهدى أذلاء
وقــدر كل امرأ ما كـان يحسنـه ****** والجاهلون لأهل العلم أعـداء
************************
هذا غيض من فيض ولو توسعنا لما وسعنا الانتهاء

فالاداب جمة والعلم غزير والعمل مُلِح

فنسال الله تعالى حسن مصاحبة علمائنا ومعلماتنا وكل من علمنا حرفا أومعنى نصل به الى الله تعالى

******************

أدب طالب العلم مع رفقته وزمالته

*********************

احذر قرين السوء:
كما أن العرق دساس، فإن ”أدب السوء دساس إذ الطبيعة نقالة، والطباع سراقة، والناس كأسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض، فاحذر معاشرة من كان كذلك، فإنه العطب والدفع أسهل من الرفع”.
وعليه، فتخير للزمالة والصداقة من يعينك على مطلبك، ويقربك إلى ربك ويوافقك على شريف غرضك ومقصدك وخذ تقسيم الصديق في أدق المعايير

1-    صديق منفعة.
2-    صديق لذة.
3-    صديق فضيلة.
فالأولان منقطعان بانقطاع موجبهما، المنفعة في الأول واللذة في الثاني.
وأما الثالث فالتعويل عليه، وهو الذي باعث صداقته تبادل الاعتقاد في رسوخ الفضائل لدى كل منهما.
وصديق الفضيلة هذا ”عملة صعبه” يعز الحصول عليها.
ومن نفيس كلام هشام بن عبد الملك

“ما بقى من لذات الدنيا شئ إلا أخ أرفع مؤونة التحفظ بيني وبينه”

ومن لطيف ما يفيد بعضهم

“العزلة من غير عين العلم: زلة ومن غير زاي الزهد: علة”

اى ان العزلة وترك الصحبة النافعة
ان نزعنا من الكلمة حرف العين الذى هو من حروف كلمة العلم صارت زلة فمن لم يتعلم العلم زَل
وبدون حرف الزاى الذى هو من احرف كلمة الزهد
اصبحت علة ومرض
فالصحبة التى لا تعين على علم وزهد نتوصل به الى الله تعالى ما يصير معها المرء الا الى الزلل والعلل

نسال الله العفو والعافية


قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ
عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)الكهف-28

هنا يرسم لنا المولى عز وجل سبيل اختيار رفيق الدرب
 الدرب الموصلة الى الله عز وجل
فقديما قالوا
اختر الرفيق قبل الطريق
لماذا ؟
لأن المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل
فمن صاحب تقى فهو الى تقوى الله سائر
ومن اختار صفىّ فهو الى موالاة الله واصل
فانظر من تختار رفيقا لدربك
تعرف الى اين انت راحل
 
فعلى طالب العلم ان يلزم اصدقاءا يعينوه على الطاعة
لا اخوانا يضيعون عليه الفوائد بالهزل والاستهتار
وانظرن ما قال الشيخ بكر ابو زيد فى الحلية عن الزميل


وقد جعلت طوع أيديهم رسالة في التعاليم تكشف المندسين بينهم خشية أن يردوهم ويضيعوا عليهم أمرهم، ويبعثروا مسيرتهم في الطلب، فيستلوهم وهم لا يشعرون. ( انتهى كلام الشيخ

يعنى ذلك انه ليس كل من ورد طريق العلم يبتغيه سبيلا
انما هناك من له نوايا اخرى واهداف مغايرة
فسبحان الله شتان بين اثنين التزما الطريق وعلىالرغم من انه طريق واحد الا انه اختلفت النوايا
فمنهم من اتبع الصراط المستقيم ومنهم من غوى
ويحذر الشيخ ممن غوى
فبعض الزملاء هدفه فقط التقاط عثرات الشيخ لنشرها
او اثارة الجدل والنزاع الذى لا يؤدى الا الى شقاق بين الاخوان

 او قطع الطريق على طالب العلم الحقيقى حسدا من عند انفسهم
فنسال الله العفو والعافية وان يرزقنا الرفقة الصالحة  التى تكون لنا معينا على الخير والحق

هذا فى هدى اختيار الرفقة
فكيف يكون الادب والخلق الحسن من رفيق دربى

قال ابن جماعة في آداب المتعلم مع زملائه:
(أن يتأدب مع حاضري مجلس الشيخ ,فإنه أدب معه,وإحترام لمجلسه,وهم رفقاؤه,فيوقر أصحابه, ويحترم كبراءهم وأقرانه, لايجلس وسط الحلقة,ولا قدام أحد إلا لضرورة,ولا يفرق بين رفيقين , ولا بين متصاحبين إلا بإذنهما معا)
وعليه ان يمد يد العون لمن يحتاجه منهم
وعليه الا يهزأ بمن قصر فهمه بل يعينه على الفهم والمذاكرة
 وان يختار منهم من يجد فيه معين على التحصيل
والمراجعة
وسيأتى ان شاء الله تفصيل ذلك عند حديثنا عن ادب طالب العلم فى حلقته بين يدى معلمه حتى لا يكون الحديث مكررا



*****************
لله الحمد انتهينا من استعراض الاداب العامة  نتفرع منها  ونخلص الى اداب خاصة بحملة القرآن الكريم
فنسال الله تعالى توفيق لكل خير وغفرانا لكل تقصير 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق