الاثنين، أغسطس 26، 2013

حلق اللحية وخلع النقاب فى المحن بين الرخصة والعزيمة

سم الله الرحمن الرحيم

أمر هام يجوب الخواطر ومن قبلها البيوت

سمعت الشكوى من البعض وما زال فى الجراب الكثير

تبوح به الأمهات بل تنوح من أجله لفلذات الكبد
خوفا وقلقا عليهم وكذلك ربما بعض الزوجات

أمن الله روعة كل أم وهدأ قلب كل خائف

*
*

تلك هى السنوات الخداعات التى تقلب فيها الحقائق
ويهان فيها الكبير ويرفع فيها الوضيع

نسألك ربنا أن تحفظنا

كل أم ابنها ملتح أو ابنتها منتقبة

ربما لم تكن على درجة من الوعى بالشرع وربما كانت ولكن عاطفتها تغلبت علي فكرها

تطالب وتناشد من لها الآن بحلق لحيته أو خلع نقابها

وربما كانت الفكرة نابعة من الشخص نفسه رجل فيفكر فى حلق اللحية أو امرأة فتفكر فى خلع النقاب
أمنا فى هذه الفتنة وتجنبا للأذى كما يظنون

وقد قرأت عدة تعليقات على من أباح حلق اللحية وخلع النقاب فى هذه المحنة العصيبة
وأخذت الكل الحماسة فى الرد واتهام صاحب الراى بأنه الهوى


ولكن تعلمنا أن نرجع لشرعنا ونحكمه فى أمورنا ولا نتكلم بهوى ولا حماس فارغ

فإن شاء الله أعرض الأمر كحكم شرعى حتى يعلم الجميع إن شاء الله أين الصواب وليتحراه قد الاستطاعة

******************************


أولا لابد أن نتفق أن الناس مختلفون
وأن قوة الإيمان متفاوتة بينهم
فمنهم مؤمن قوى يتحمل الصعاب ومنهم مؤمن ضعيف يفتتن عند المحن


ولو راجعنا حال الصحابة الأوائل رضوان الله عليهم عندما تعرضوا لأذى المشركين

ولنعرض منهم أسرة واحدة فقط
ملومة للجميع
أسرة سيدنا ياسر رضى الله عنه أول شهيد فى الإسلام


وكلما لم بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم ببشاعة الكفار وألوان العذاب التى تعرضوا لها قال لهم



صبرًا آل ياسرٍ ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ .


الراوي: جابر بن عبدالله المحدث:الألباني -
المصدر: فقه السيرة - الصفحة أو الرقم: 103
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح


وآل ياسر كلنوا سيدنا ياسر وزوجته السيدة سمية وابنهما سيدنا عمار رضى الله عنهم أجمعين

فمن المعلوم من السنة أن الوالدين صبر على الأذى وتحملا العذاب مع بشاعته وكان جزاؤهما أنهما أول من استشهدا ودخلا الجنة رضى الله عنهما

أما سيدنا عمار فتحكى السيرة أنه


فى سورة النحل يقول تعالى


مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعْدِ إِيمَـٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُۥ مُطْمَئِنٌّۢ بِٱلْإِيمَـٰنِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلْكُفْرِ صَدْرًۭا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌۭ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌۭ

سورة النحل - الجزء 14 - الآية 106 - الصفحة 279



وفى تفسير الطبري يقول


ذكر أن هذه الآية نـزلت في عمار بن ياسر وقوم كانوا أسلموا ففتنهم المشركون عن دينهم، فثبت على الإسلام بعضهم ، وافتتن بعض.

* ذكر من قال ذلك:


.
.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فعذّبوه حتى باراهم في بعض ما أرادوا فشكا ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ تَجدُ قَلْبَكَ؟ قال: مطمئنا بالإيمان. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " فإنْ عادُوا فَعُدْ".

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك، في قوله ( إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ ) قال: نـزلت في عمار بن ياسر.

http://www.mosshaf.com/ar/main#se

وفى تفسير ابن كثير

.
.
وأما قوله "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" فهو استثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مكرها لما ناله من ضرب وأذى وقلبه يأبى ما يقول وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله. وقد روى العوفي عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر حين عذبه المشركون حتى يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فوافقهم على ذلك مكرها وجاء معتذرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية وهكذا قال الشعبي وقتادة وأبو مالك وقال ابن جرير حدثنا ابن عبدالأعلى حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن عبدالكريم الجزري عن أبي عبيدة محمد بن عمار بن ياسر قال أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " كيف تجد قلبك؟ " قال مطمئنا بالإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن عادوا فعد".

ولهذا اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي إبقاء لمهجته


ويجوز له أن يأبى كما كان بلال رضي الله عنه يأبى عليهم ذلك وهم يفعلون به الأفاعيل حتى أنهم ليضعوا الصخرة العظمة على صدره في شدة الحر ويأمرونه بالشرك بالله فيأبى عليهم وهو يقول: أحد أحد ويقول: والله لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها. رضي الله عنه وأرضاه.

وكذلك حبيب بن زيد الأنصاري لما قال له مسيلمة الكذاب أتشهد أن محمدا رسول الله؟ فيقول نعم فيقول: أتشهد أني رسول الله؟ فيقول لا أسمع فلم يزل يقطعه إربا إربا وهو ثابت على ذلك.

http://www.mosshaf.com/ar/main#se

إذا فالناس متفاوتون فى قوة الإيمان والعزيمة

وإليكم بعض الفتاوى التى توضحا لمسألة أكثر وتفصل الأمر


السؤال: هل قول الله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} ينطبق على من يقوم بحلق لحيته عند السفر إلى بلده تجنباً للأذى والضرر الذي يقع عليه؟


الإجابة: إن كان هذا الإكراه يفضي إلى التلف والموت فنعم يجوز للإنسان أن يقول كلمة الكفر، وأن يظهر خلاف ما يبطن، ولكن إن كان مجرد أذى كأن يعرقلوه في المطار أو يؤخروه، فلا يجوز له حلق لحيته، وعليه أن يتحمل مثل هذا الأذى.

عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف

http://ar.islamway.net/fatwa/18158

*
*

وفى فتوى أخرى سأل أحدهم فقال


السؤال: قال لي أحد الأصدقاء إن الكذب من أجل حفظ النفس فرض ، وأن ذلك ذُكر في القرآن ، ولعله استدل بقصة عمّار بن ياسر وقوله تعالى ( إلا من اُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) بينما الذي أعرفه أنا أنه لا يجوز للشخص أن يقول إنه غير مسلم مهما كان الأمر ، بل يجب أن يعتز بإسلامه تحت أي ظرف كان . السؤال هو : لو أن شخصاً وقع في ظرف يجبره على أن يقول إنه غير مسلم وإلا مات ، فما العمل ؟ هل يقول إنه غير مسلم وينجو من الموت أم العكس ؟ .


الجواب : ( وضعته مختصرا والتفصيل بالرابط

الحمد لله
أولاً:
ما قاله لك صديقك من جواز التلفظ بالكفر حماية لنفس المتكلم بها من الضرر أو الأذى الذي لا يُحتمل : صحيح ، وقد ثبت ذلك في القرآن ، وروي في السنَّة ما يؤيده ، ولم يختلف العلماء فيه .


وأما الإجماع :
أ. فقد قال ابن حزم رحمه الله :
" اتَّفقُوا على أَن الْمُكْره على الْكفْر وَقَلبه مطمئن بالايمان انه لَا يلْزمه شَيْء من الْكفْر عِنْد الله تَعَالَى ..

ب. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ولهذا لم يكن عندنا نزاع في أن الأقوال لا يثبت حكمها في حق المكره بغير حق .. "

ج. وفي " الموسوعة الفقهية " ( 22 / 182 ) :
واتفق الفقهاء على أن من أكره على الكفر فأتى بكلمة الكفر : لم يصر كافراً .


ثانياً:
الإكراه الذي يعذر صاحبه هو الإكراه الملجئ لصاحبه على قول تلك الكلمة .

والإكراه نوعان : نوع يوجب الإلجاء والاضطرار طبعاً ، كالإكراه بالقتل أو القطع أو الضرب الذي يخاف فيه تلف النفس أو العضو ، قلَّ الضرب أو كثر .
وهذا النوع يسمَّى " إكراهاً تامّاً " .

ونوع لا يوجب الإلجاء والاضطرار ، وهو الحبس أو القيد أو الضرب الذي لا يخاف منه التلف ، وهذا النوع من الإكراه يسمَّى " إكراها ناقصاً " .


ثالثاً:
هل يجوز للمكرَه أن يصبر ويحتمل الضرر والأذى ولو قُتل في سبيل ذلك ؟
نعم يجوز له ذلك ، وقد فعله بلال بن رباح رضي الله عنه وغيره .



رابعاً:
وأيهما أفضل : الصبر والتحمل ولو أدى إلى الموت ، أم الترخص برخصة الشرع وإظهار الكفر باللسان ؟ .
الأقرب أن يُقال : الأفضل هو الصبر والتحمل ، وخاصة لمن كان من أهل العلم أو الفضل أو القدوة للناس ، وهو قول الجمهور .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
والأفضل والأولى : أن يثبت المسلم على دينه ، ولو أفضى إلى قتله .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 606 ) .



خامساً:
قال الأخ السائل " الذي أعرفه أنا أنه لا يجوز للشخص أن يقول إنه غير مسلم مهما كان الأمر ، بل يجب أن يعتز بإسلامه تحت أي ظرف كان " .

قد يظن ظان أن هذا الكلام يؤيده ما ورد في السنة عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَنْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ وَلَا

تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ

وَلَا تَشْرَبْ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ ) .

رواه ابن ماجه ( 4034 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .


لكن الواقع أن هذا الحديث ليس فيه المنع من الأخذ بالرخصة ،

بل فيه بيان الأفضل عند الإكراه ، وقد سبق أن قول الجمهور أن الأفضل : الصبر والتحمل ، وأما الرخصة فثابتة في كتاب الله تعالى .


قال أبو الحسن المباركفوري - رحمه الله - :
وهذا يدل على أنه ينبغي اختيار الموت والقتل دون إظهار الشرك ،

وهو وصية بالأفضل والعزيمة ،

فإنه يجوز التلفظ بكلمة الكفر والشرك عند الإكراه ؛ لقوله تعالى: ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) النحل/ 106 .

لكن المشكلة حقا ، هي أن يخاف بعضهم من القتل ، أو الأذى ، أو نحو ذلك من حصول ضرر ، أو فوات نفع ، فيقع في الشرك ، وينشرح صدره بذلك ، فيكون مشركا مرتدا .


http://www.islamqa.com/ar/ref/150748



إذا فالحكم الشرعى الآن فى ظل هذه الفتنة والمحنة العظيمة أحد أمرين

الأول : العزيمة والثبات حتى وإن عُذب وقتل وهو الأولى لأن فيه عزة للمسلم ولدينه وعدم فتنة للكافر وعدم تمادى فى ظلمه فربما ظن أنه كلما عذب وقتل تراجع الناس عن دينهم لما يرى من يتساقطون فى الطريق فزادت بشاعته على أهل الحق ليفتنهم فالثبات أولى مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم

شكونا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لهُ في ظلِّ الكعبةِ ، قلنا لهُ : ألا تستنصرُ لنا ، ألا تدعو اللهَ لنا ؟ قال :

( كان الرجلُ فيمن قبلكم يُحْفَرُ لهُ في الأرضِ ، فيُجْعَلُ فيهِ ، فيُجاءُ بالمنشارِ فيُوضَعُ على رأسِهِ فيُشَقُّ باثنتيْنِ ، وما يصدُّهُ ذلك عن دِينِهِ .

ويُمْشَطُ بأمشاطِ الحديدِ ما دونَ لحمِهِ من عظمٍ أو عصبٍ ،

وما يصدُّهُ ذلك عن دِينِهِ ،

واللهِ ليُتِمَّنَ هذا الأمرُ ، حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاءَ إلى حضرموتٍ ، لا يخافُ إلا اللهَ ، أو الذئبَ على غنمِهِ ، ولكنكم تستعجلونَ ) .

الراوي: خباب بن الأرت المحدث:البخاري -
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3612
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

والثانى: الأخذ بالرخصة فمن أخذ بها فلا بأس عليه ما دام قد أكره ولكن قلبه مطمئن بالإيمان
ولنقتدى بهدى الأحبة صحابة الحبيب صلى الله عليه وسلم كما يوضح الحديث

كنَّا نسافِرُ في رمضانَ ، فمنَّا الصَّائمُ ومنَّا المفطِرُ لا يعيبُ الصَّائمُ علَى المفطرِ ، ولا يعيبُ المفطرُ علَى الصَّائمِ

الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 2308
خلاصة حكم المحدث: صحيح

*** 
فمن أخذ بالرخصة لا يحل لأحد أن يعيره ولا يوبخه ولا ينتقص من دينه ويتهمه بالخذلان
فليحذر حتى لا يقع تحت قوله صلى الله عليه وسلم


يا مَعشَرَ مَنْ أسلَمَ بلِسانِه ، ولمْ يَدخلِ الإِيمانُ في قلبِه ! لا تُؤذُوا المسلِمينَ ولا تُعَيِّرُوهم ، ولا تَطْلُبوا عَثَرَاتِهم . الحديثُ
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2339
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح



وختاما

نسأل الله تعالى بخير ما سأل به حبيبنا صلى الله عليه وسلم

اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ

وأسألُكَ شُكرَ نعمتِكَ وحُسنَ عبادتِكَ

وأسألُكَ قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا

وأسألُكَ من خيرِ ما تَعلمُ وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما تعلَمُ

وأستغفرُكَ لما تعلَم

الراوي: شداد بن أوس المحدث:الألباني -
المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 915
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره

الحمد لله فى الأولى والآخرة وما كان من توفيق فمن الله وحده له الحمد وله الشكر
وما كان من خطأ فمنى أستغفر الله وأتوب إليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق