الصفحات

الجمعة، مارس 18، 2011

تفريغ محاضرة أين قلبي وقت الفتن ؟؟ الجزء الثاني

كما كان ابن الجوزي – رحمه الله – يصنع .
قال رحمه الله : الزمان أشرف شيء ، والواجب انتهابه بفعل الخير ... فصرت أُدافع اللقاء جهدي – يعني لقاء البطالين - ... ثم أعددت أعمالاً لا تمنع المحادثة لأوقات لقائهم ، لئلا يمضي الزمان فارغاً ، فجعلت من الاستعداد للقائهم قطعَ الكاغد وبَريَ الأقلام وحزم الدفاتر ! فإن هذه الأشياء لا بُـدّ منها ، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب ، فأرصدتها لأوقات زيارتهم ، لئلا يضيع شيء من وقتي !



وأوصى ابن الجوزي ابنه فقال : واعلم يا بني أن الأيام تبسط ساعات ، والساعات تبسط أنفاساً ، وكل نَفَسٍ خِزانة ، فاحذر أن يذهب نَفَسٌ بغير شيء ، فتَرى في القيامةِ خزانةً فارغة فتندم .

وأما الإمام ابن عقيل – رحمه الله –كان يقول : إني لا يحلّ لي أن أُضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة وبَصَري عن مًطالَعة ، أعملت فكري في راحتي وأنا مُنطرِح ، فلا أنهض إلا وقد خَطَرَ لي ما أُسطِّره ، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة .لمـاذا هذا الحرص على الوقت ؟؟؟
فلأن الوقت أثمن ما يملكه البشر
قال ابن هبيرة رحمه الله :

والوقتُ أنفسُ ما عُنيتَ بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ

نعم يقول صلى الله عليه وسلم

عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ . رواه البخاري . ( صحيح )


مشكاة المصابيح ..الجزء الثالث ..كتاب الرقاق..رقم الحديث 5155

فالفراغ ومعه الصحة والقدرة على العمل والبذل من النعم التي للأسف نضيعها ولا نستغلها الاستغلال الأمثل
قال ابن القيم – رحمه الله – بعد أن ذكر عشرةَ أشياء ضائعة . قال :
وأعظم هذه الإضاعات إضاعتان هما أصل كل إضاعة :
إضاعة القلب
وإضاعة الوقت
فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة
وإضاعة الوقت من طول الأمل
فاجتمع الفساد كله في اتباع الهوى وطول الأمل
والصلاح كله في اتِّـباع الهدى والاستعداد لِلقاء .

والحرص على الوقت دليل على صحة القلب
قال ابن القيم رحمه الله :
ومن علامات صحته – يعني القلب - أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعا من أشدّ الناس شحّـاً بماله .


يا الله كم كان حرصهم على الوقت

ونحن بمنتهى البساطة نضيع الوقت والجهد

وأختم القول بقول ابن الجوزي رحمه الله :

حيث قال رحمه الله :
يا طويل الأمل في قصير الأجل
أما رأيت مستـَلبا وما كمُـل ؟
أتؤخر الإنابة وتعجل الزلل
ويمضي ابنُ الجوزي قائلاً : يا أخي :التوبة التوبة قبل أن تصل إليك النوبة
الإنابة الإنابة قبل أن يُغلق باب الإجابة
الإفاقة الإفاقة فيا قـُـرب وقت الفاقة
إنما الدنيا سوق للتجر ،

ومجلس وعظ للزجر ،
وليل صيف قريب الفجر
المكنة مُزنة صيف
الفرصة زورة طيف
الصحة رقدة ضيف
الغرة نقـدة زيف
الدنيا معشوقة وكيف ؟
البدار البدار فالوقت سيف

يا غافلا عن مصيره
يا واقفا في تقصيره
سبقك أهل العزائم ، وأنت في اليقظة نائم .
قف على الباب وقوف نادم ، ونكّس رأس الذل وقل : أنا ظالم ، وناد في الأسحار مذنب وواجم ، وتشبه بالقوم وإن لم تكن منهم وزاحم ، وابعث بريح الزفرات سحاب دمع ساجم .
قم في الدجى نادبا ، وقف على الباب تائبا ، واستدرك من العمر ذاهبا ، ودع اللهو والهوى جانبا .
فالعمر قصير فلا تُقصِّره بتضييعه والتفريط فيه .

فالوقت هو الحياة
فاحفظه حفظك الله
فمن حفظ الله حفظه الله .

هذا الوقت هذا الكنز فكيف أغتنمه ؟؟



الآن نحاول أن نوقع كلامنا كله فيما سبق على الأوضاع الراهنة والأحداث الجارية

ما يمر ببلاد الإسلام في الوطن العربي

ولا أريد أن أذكر أسماء بلاد حتى لا يكون الأمر مجرد وطنية أو أنى أدعو للتشرذم الذي يدفعنا أعداؤنا إليه دفعا

إنما نتكلم عن فتن ومحن مثل ما نمر به في بلادنا هذه الأيام والثورات التي تجوب بلاد الإسلام هذه الأيام


في هذه الأيام الصعبة والمشبعة بالمحن
أقول أين قلبي وقت الفتن ( وقت المحن لان البعض له تحفظ على كلمة فتنة

ما ذا أعني بكلامي أن ننتبه لأنفسنا وقلوبنا وقت الفتن

واى فتنة نمر بها
سمعت البعض في مقالات بحماس يقولون لا تقولوا أن ما يحدث بمصر فتنة

أرد قائلة انه بقولنا انه فتنة لا نسب الوضع ولا نهين السائرين فيه


لنتعرف معا على معنى كلمة فتنة

قال الأزهري : جماع معنى الفتنة في كلام العرب : الابتلاء ، والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك : فتنتُ الفضة والذهب ، أذبتهما بالنار ليتميز الردي من الجيد ، ومن هذا قول الله عز وجل : " يومهم على النار يفتنون " أي يحرقون بالنار . ( تهذيب اللغة 14 / 296 ) .

وقد لخص ابن الأعرابي معاني الفتنة بقوله : " الفتنة الاختبار ، والفتنة : المحنة ، والفتنة : المال ، والفتنة : الأولاد ، والفتنة الكفر، والفتنة اختلاف الناس بالآراء والفتنة الإحراق بالنار" . ( لسان العرب لابن منظور ) .

اليس ذلك هو بالفعل معبرا عما يدور من حولنا
ابتلاء واختبار واختلاف الناس فى ارائهم وأكثر


تقضى هذه المعانى بأن الفتنة هي أوقات عصيبة ومحن شديدة تمر على الناس فيُفتنوا عن دينهم ويقصروا في العمل لله فينشغلوا عن الصلاة فلا يخشعون فيها وغيرها من الأعمال إلى تقضى بان المرء أصبح منشغلا عن العبادة وعن العمل لله الذي هو غاية الوجود

وأسارع فأقول فيما يخص كلمة يُفتنوا عن دينهم ليست معناها أنهم يعودوا والعياذ بالله كفارا
إنما أقول أنهم يترددون بين الإيمان والشك لا أقول الكفر


وهذا ما رأيت بعيني هذه الأيام العصيبة

أورده على لسان أخت لنا صاحبتها الأيام الماضية


تقول

مع بداية أحداث مصر تأثرت نفسي وكنت أبكى لأسباب كثيرة
أبكى حزنا على أناس باعوا آخرتهم بدنياهم فظلموا الناس وظلموا أنفسهم فكيف لهم بالوقوف بين يدي الله
وأبكى فرحا بأناس قاموا يدفعون الظلم بوسائلهم البسيطة بأصواتهم وهو ما يملكوه

لكنهم ملكوا في أنفسهم إرادة قوية تحطم الصعب إذا ما حاول أن يتصدى



ثم صرت أتابع الأحداث عبر شاشة التلفاز أتابع الأحداث إلى منتصف الليل ويزيد ولا أكاد أقوم من مكاني إلا لإقامة فرض الصلاة قصراً لأني كنت عند أهلي في زيارة والذي يوجد في بلدة أخري غير بلدتي التي فيها أسكن بعد الزواج

فوجدت نفسي أول يومين من الأحداث تملكتني هذه المشاعر وأثرت سلباً علي فوجدتني لم أعد أدرك من صلاتي شيء ولا أقرب مصحفي ولا أفعل إلا المتابعة
واعتقد انه كان حال معظم بل كل الناس في هذا الوقت..

في اليوم الثالث انتبهت إلى أنى أصبحت أصلى فلا أدرك من صلاتي شيء وأنى كنت قد قررت عدم ارتياد مجالس العلم لأن نفسيتي لا تسمح لي بالتلقي ولا العطاء ..حتى

فانتفضت فزعة تذكرت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تذكرنا وتحذرنا من فتن آخر الزمان

وأن نبينا صلوات ربى وسلامه عليه قال

العبادة في الهرج ، كهجرة إلي
الراوي:
معقل بن يسار المزني المحدث:
مسلم - المصدر:صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2948خلاصة حكم المحدث: صحيح


فانتبهت أن ما على إلا أن أفيق من سطوة الشعور بالحزن والحسرة والقلق وأعود لربى تعالى
مالك الملك والملكوت مالك الأمر
اكبر من كل كبير
بيده كل شيء ويملك كل شيء وهو على كل شيء قدير
لعل الأجل يحين في تلك الأيام

فصرت انتبه لصلاتي قدر الاستطاعة وأدركت أن المرء منا ربما يخشع في صلاته ويدعو فيُقبل منه

ثم عدت لمصحفي فما وجدتني إلا وتتتابع الآيات تخبر بما يدور ثم تليها آيات البشرى بأن الخير في القادم بإذن الله

انتبهت إلى من حولي أخواتي وإخوتي أو صديقات أو جيران فوجدتهم على نفس الحالة التي كنت عليها قبل الإفاقة من غيبوبة الغفلة

فلله الحمد بدأت اشعر أني على عبأ مساندتهم

وعلي أن أبث فيهم روح الإيمان والصبر وعدم الجزع والثبات وقت الفتن أن نثبت على الحق أن نحيا باليقين والثقة في قدرة الله تعالى بل طلاقة قدرته وانه إذا أراد شيئاً يكفي أن يقول له كن فيكون
لعلنا نلقى الله على هذا الحال فيرضي عنا

هذا لأني وجدت منهم من خاف على مال قد ادخره في المؤسسات
وآخرون خافوا على القوت فباتوا يدخرون الطعام خوفا من أن يأتي يوم فلا يجدوه
وآخرون شعروا بقتامة المستقبل
ومن تراه سيتولى الأمر وكيف سيكون حال البلاد والعباد معه
و ..و...و... أمور كثيرة شغلت البال والنفس وأصبح القلب مفتونا بها
منشغلا عن الهدف الأسمى والغاية الأولى لوجودنا في الحياة والتي قالها تعالى في قرآنه الكريم
فقال عز وجل
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56


نعم نعبده تعالى مخلصين له الدين

{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5


نعم الإخلاص سمة كل وقت وحين حتى في الشدائد واجب ألا نغفل عنه


هنا يلح علينا طلب القلب
أقول
أين قلبي وقت الفتن

نعم لابد أن أبحث وأتحرى
هل اطمأن قلبي هل ثبت على الثقة واليقين في قدرة الله وحكمته
هل غلب على فكرى وظني
أن الله قادر أن يبدل الأمر في لحظة أنه يملك الكون وما به ومن به

أنه تعالى اخبر أنه الرزاق ذو القوة المتين

{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }الذاريات58

فكيف بالرزاق ينسى عباده فيموتون جوعا

يقول تعالى
{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }يونس31

هل الرزق يأتينا نتيجة امان البلد واستقراره
لا حول ولا قوة إلا بالله
رزقكم في السماء


وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }النمل64

يقول تعالى

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ }فاطر3


حتى وإن قُدِر الرزق وقل لابد أن نعلم انه تعالى مَن قَدَّر ذلك واختاره

{أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ }الملك21

يقول تعالى

....وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }الطلاق3

نعم ربنا صدقت فيما أخبرت سبحانك .. نثق ونؤمن ونرضى ونسلم بقدرك وقضائك



وااسفاه حتى لو تعرضنا لمشقة أو حرمان أو نقصان في مورد من موارد المعيشة

أو هذه المعاناة التي يتعرض لها الناس فى الشوارع والميادين

ونسينا أن التغيير والإصلاح لابد أن نتحمل مشقته
لكن للأسف قد أصبحنا مدللين لا نستطيع تحمل مشقة ساعة لنيل العز
فلم لا نتحمل كما يتحمل إخواننا في كل مكان لمواجهة الظلم وإزالة الفساد



وكيف بالقوى المتين ألا يغلب الظلم والطاغوت وهو تعالى من اخبر انه

{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ }آل عمران11




ويقول
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }الأعراف165


ويقول
{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }هود102


ويقول

{كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ }القمر42

نعم صدقت ربنا فيما أخبرت عن نفسك
فهو كما قال تعالى

{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }الأنعام18


نعم نؤمن ونثق في حكمتك سبحانك
جل شأنك وتعالى جدك ولا إله غيرك

حتى لو قلنا ان من يدعو لهذا التغيير فئة من العلمانيين والمتبرجات ودعاة الحرية دون فئات متدينة

لكن والله دائما هناك شعاع نور وسط الظلام

لما رأينا هؤلاء يصلون ويحافظون على الفرائض واجتمعت اجسادهم وقلوبهم
وحتى لو فرضنا أن احدهم قام يصلى خجلا منا لقوم
فوالله تعالى هو الذي قال
هما لقوم لا يشقى بهم جليسهم
لعل التجميع واجتماع هؤلاء العلمانيين واختلاطهم بالمتدينين يكون بداية طريق هداية وتغيير وجهة للخير الذي يرضى الله


ونقول أن الله تعالى قال

وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ

ولو ان التغيير بدأ على يد متدينين إسلاميين لكانت الهجمة المضادة له شرسة وقوية وعنيفة وقاصمة
إلا أن المولى عز وجل ينصر الدين بالكافر
وكلنا رأينا اين تربي سيدنا موسي
تربى في بيت اكبر عدو لله
فعدو الله ربى نبي الله الذي دعا لله الذي قسم عدوه
فنصر الله دينه بالكافر
حاشا لله أن نكفر إخواننا
إنما نقول أن المولى عزل وجل يمكر لنا بالخير
فييسر لنا من الإخوان حتى وإن كانوا غير متدينين إلا أنهم خاضوا الحدث ومهدوا للخير

فسبحان الله المدبر

صحيح لسنا كلنا قد قام للمشاركة وهب للتعاون على خلع الظلم
إنما أقول ننتبه كل منا على ثغر فلا تترك موقعك ومكانك فارغ فيؤتى الدين من قبلك فتكون قصرت

لا أقول ننفصل عن الواقع صحيح أتابع وأشارك وأعلق وأناقش
لكن وقت الطاعة وقت العبادة لا أؤخرها
وقت عملي لا أؤجله

فإن الوعد بالاستخلاف والتمكين كما قلنا من قبل لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات






تكمل اختنا فتقول
أنها بدأت تدعو من حولها للثبات واليقين في حكمة الله
وأن الله تعالى موجود ومطلع ويرى القلوب والأعمال فلابد أن نحيا بالإيمان والثقة فيه تعالى
وان مقاليد الأمور بيده وقلوب العباد بيده يقلبها كيف يشاء

فيا رب ثبت قلوبنا على دينك واكفنا شر أن تزيغ القلوب

واهدِ قلوب من ظلم وتجبر وردهم إليك ردا جميلا إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير

ثم قالت

برحت أفكر كيف لنا أن نحيا هذه الأيام في ظل هذه الأحداث بذكر الله وعمل الصالحات وفى نفس الوقت لا ننفصل عن واقعنا وعما يدور حولنا

لأننا جزء من هذا الوطن وليس حب الوطن حرام أو به جرم فقد
كان صلى الله عليه وسلم يحب موطنه ويحن إليه كما يخبر المولى عز وجل فيقول


{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ...القصص85

وفى تفسير الجلالين

(إن الذي فرض عليك القرآن) أنزله (لرادك إلى معاد) إلى مكة وكان قد اشتاقها

وفى التفسير الميسر

إن الذي أنزل عليك -أيها الرسول- القرآن, وفرض عليك تبليغه والتمسُّك به, لمرجعك إلى الموضع الذي خرجت منه, وهو "مكة",

فحب الوطن ليس حراما فنحن نحب وطننا وأرضنا التي عليها نشأنا

وندعو الله أن يمن علينا أن تظل هانئة نعبده تعالى فيها في أمان

{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام82

نعم نؤمن ربنا ولا نشرك بك شيئا نوقن انك مالك الملك وانك على كل شيء قدير


وما يمر بالبلاد من مجريات نحن لا ننفصل عنها
كل منا له دور
أنت على ثغر من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلك

نعم أنت يا أم ويا زوجة ويا مديرة لمنتدى يا مشرفة
والرجال والإخوان والأبناء
يا كل امرئ في موقعه عليك عبأ ودور لابد أن تؤديه
لا تتخلى عن موقعك
وان كنت غير مشارك لمن ثار على الظلم والفساد
فعليك أن تؤدى دورك في موقعك
أنت يا أم حان دورك لزرع الشجاعة في أبنائك والتي كم عانينا لأننا لم نجد أبدا مجالا نعينهم به على ذلك ولا ظروف بلادنا تمنحنا هذا الأمر
هذا دورك لبث الشجاعة في الأبناء ورفع هممهم فى الدفاع عن الحق والثبات في وجه الفساد والظلم
ولكن انتبهي مع غرس الهدف الغالي .. ألا وهو الإخلاص
لمن عملك إلام وجهتك بني عند العمل

كذلك تثبيت الزوج وطمأنته بدلا من أن يفزع ليقوم بعمل فردي حفاظا عليك أي علي أسرته فقط وهو من الذاتية التي لابد أن نتخلى عنها فيعم بدلا منها الشعور بالجماعة والانخراط في العمل الجماعي للنهوض ببلادنا بلد المسلمين جميعا

أزيلي عن زوجك عبأ الخوف عليك وعلى أبنائك وعلى المستقبل بل المستقبل في طاعة الله واليقين أن الخير مع العدل والصلاح والإصلاح

أنت يا مديرة ويا مشرفة بمنتدى إياك والوقوع في حالة الحسرة والقلق والتوتر فتتركين عملك وهو الدعوة لدين الله تعالى ومعاونة الأخوات المبتدئات في طريق العلم


تكمل اختنا فتقول شعرت أن على عبأ ودور لابد أن أقوم به
فانا معلمة وعلى أن أعود لأرى أخواتي وطالباتي من حادت عن الطريق نتعاون فتعود ومن استسلمت لليأس نتعاون فنبث الطمأنينة

فتجهزت للسفر والعودة لبيتي لاستئناف واجبي


ثم تعطل السفر لأني لم أجد مواصلات نتيجة صعوبة الأمر والأحداث أثناء الثورة فقد انقطعت سبل المواصلات فرجعت حزينة

ثم مرت عدة أيام

فجهزت نفسي للسفر ووجدت إخوتي يقفون أمامي لاعتراضي خوفا وقلقا علي من الطريق فربما اعترض طريقنا لص أو قاطع طريق أو غيره مما يمكن أن يصيبنا الأذى لكني أصررت على كلمتي وقررت السفر في الصباح

وأثناء نومي رأيت في نومي ما جعلني استيقظ قلقة
بدأت نفسي تقلق وتهتز أفكر
ربما تعرضنا لسوء أنا وأولادي ربما ربما
وتمسك آخى بكلمته قلقا علينا
هنا طأطأت رأسي خجلة أنى قد رسبت في الاختبار

أي اختبار ؟؟

اختبار الثبات
اختبار اليقين
اختبار حسن الظن بالله
تذكرت الحديث
قال الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله، و إن ظن شرا فله

الراوي:
أبو هريرة المحدث:
السيوطي - المصدر:الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 6051خلاصة حكم المحدث: صحيح




فتوجهت لربي استغفره وأتوب إليه أنى قد ركنت إلى حولي وقوتي ولم أدعو الله وأتوجه إليه بحوله وقوته وعلمه وقدرته انه يوفقنا وييسر لنا الطريق ويحفظنا
ثم أحسن الظن في الله في القبول

ثم أحسنت الظن وتمسكت بكلمتي ورغبتي في السفر بقوة ويملأ قلبي اليقين أن الله حافظنا حتى لو أن السماء تمطر رصاصا وان الأرض تنبت لصوصا

ولله الحمد سافرت بطمأنينة وكان السفر هينا وسريعا وموفقا
لله الحمد أجمل ما فيه أنى وقفت فحاسبت نفسي وعاقبتها حتى لا تقف مرة أخري بيني وبين اليقين في قدرة الله بل طلاقة قدرته
مالك الملك والملكوت سبحانه

ولنحيا بحسن الظن


ونعود فنقول ماذا علينا فى المحن وفى الفتن ؟

علينا بالصبر

يقول تعالى

{وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }البقرة45

ويقول عز وجل

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة153

يقول

{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }العصر3

نعم هؤلاء الذين تصبروا ماذا لهم
لهم لله الحمد البشرى


{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }يونس64


{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ }الزمر17

هذه بشريان الله تعالى لمن ؟
لمن صبر وتاب وآمن وعمل صالحا
لابد أن نعترف الآن أننا مقصرين ومذنبين
أنت يا أم إن أحدث ابنك خطأ تبادري فتعاقبيه وتقولي له تحمل نتيجة خطأك
فلما ذا لا نعترف أن ما نحن به من فتن ومصاعب ومشاق بذنوبنا وتقصيرنا أفلا نصبر على العقاب ونتوجه إلى الله بالسؤال أن يتوب علينا ويغفر لنا هذه الذنوب ويصرف عنا ما لحق بنا بسبب ذنوبنا

مختصر القول
أين قلبي وقت الفتن ؟؟

لابد أن أتلمس قلبي ونيتي عند العمل

لا نتخلف عن العبادة
نخلص .. نتعبد... نتوجه لله بالدعاء لعله يقبل

أكرر.. لا أقول ننفصل عن واقعنا لكن لابد أن يكون هناك تكامل فيما بيننا أنت مثلا لا تستطيعين النزول في الشارع مع من يغير
لكن لك دور وأنت على ثغر عليك واجب قم به ولا تفرط فيه
فتكون لا قدمت مع هؤلاء ولا مع هؤلاء
الان شعرنا بإخواننا في شتى بقاع الأرض المستضعفين المشردين وهم يدافعون عن كلمة الله لتظل كلمة الله العليا

الآن هذا الألم يذكرنا بالتوبة من هذا الشعور الفاتر وعدم الاهتمام بأمر المسلمين في أماكن بعيدة عني

ننتبه .. ننتبه للعبادة نكرر فنقول
في هذا الوقت
العبادة في الهرج كهجرة معي

ربما إنسان مؤمن وثابت على الحق يدعو فيقبل دعاؤه
فينصر الله الأمة ويجمع شتاتها

لعل ما كان بسبب دعوة مؤمن حق مؤمن دعا في ركعتين صلاهما بخشوع وصدق
فلا نستهين بالعبادة وأدائها كما يحب الله ويرضي




نوصي فى الختام بالقلوب والثبات واليقين


واخيرا ندعو بما أُثر فنقول


اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي ، وتجمع بها أمري ، وتلم بها شعثي ، وتصلح بها غائبي ، وترفع بها شاهدي ، وتزكي بها عملي ، وتلهمني بها رشدي ، وترد بها ألفتي ، وتعصمني بها من كل سوء ، اللهم أعطني إيمانا ويقينا ليس بعده كفر ، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك الفوز في الفضاء ، ونزل الشهداء ، وعيش السعداء ، والنصر على الأعداء . اللهم إني أنزل بك حاجتي ، فإن قصر رأيي وضعف عملي افتقرت إلى رحمتك ؛ فأسألك يا قاضي الأمور ، ويا شافي الصدور كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير ، ومن دعوة الثبور ، ومن فتنة القبور ، اللهم ما قصر عنه رأيي ولم تبلغه نيتي ، ولم تبلغه مسألتي من خير وعدته أحدا من خلقك أو خير أنت معطيه أحدا من عبادك ؛ فإني أرغب إليك فيه ، وأسألك برحمتك يا رب العالمين . اللهم يا ذا الحبل الشديد والأمر الرشيد ، أسألك الأمن يوم الوعيد ، والجنة يوم الخلود ، مع المقربين الشهود ، الركع السجود ، الموفين بالعهود ؛ إنك رحيم ودود ، وإنك تفعل ما تريد . اللهم اجعلنا هادين مهتدين ، غير ضالين ولا مضلين ، سلما لأوليائك ، وعدوا لأعدائك ، نحب بحبك من أحبك ، ونعادي بعداوتك من خالفك . اللهم هذا الدعاء وعليك الإجابة ، وهذا الجهد ، وعليك التكلان ، اللهم اجعل لي نورا في قلبي ، ونورا في قبري ، ونورا بين يدي ، ونورا من خلفي ، ونورا عن يميني ، ونورا عن شمالي ، ونورا من فوقي ، ونورا من تحتي ، ونورا في سمعي ، ونورا في بصري ، ونورا في شعري ، ونورا في بشري ، ونورا في لحمي ، ونورا في دمي ، ونورا في عظامي ، اللهم أعظم لي نورا ، وأعطني نورا ، واجعل لي نورا ، سبحان الذي تعطف بالعز وقال به ، سبحان الذي لبس المجد والكرم به ، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له ، سبحان ذي الفضل والنعم ، سبحان ذي المجد ، سبحان ذي الجلال والإكرام
الراوي:
عبدالله بن عباس المحدث:
السيوطي - المصدر:الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 1477خلاصة حكم المحدث: حسن


اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمدا وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
نشهدك يا ربنا انه أدي الأمانة وبلغ الرسالة فجازه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته وآته يا رب الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد
اللهم ما كان من خير وصواب فبتوفيق منك وحدك وما كان من خطأ فمنى ومن الشيطان فاغفر لي وارحمني وتقبل العمل خالصا لوجهك الكريم
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق